اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 215
صح ما قالوه فان الدين قد حصل في العربية و الفارسية اسما
لشيء واحد على جهة الاتفاق و قد يكون على جهة الاتفاق ما هو أعجب من هذا، و أصل
الملة في العربية المل و هو أن يعدو الذئب على شيء ضربا من العدو فسميت الملة ملة
لاستمرار أهلها عليها و قيل أصلها التكرار من قولك طريق مليل اذا تكرر سلوكه حتى
توطأ و منه الملل و هو تكرار الشيء على النفس حتى تضجر و قيل الملة مذهب جماعة
يحمي بعضهم لبعض عند الأمور الحادثة و أصلها من المليلة و هي ضرب من الحمى و منه
الملة موضع النار و ذلك أنه اذا دفن فيه اللحم و غيره تكرر عليه الحمى حتى ينضج.
و أصل الدين الطاعة و
دان الناس لملكهم أي أطاعوه. و يجوز أن يكون أصله العادة ثم قيل للطاعة دين لأنها
تعتاد و توطن النفس عليها.
(الفرق) بين العبادة و الطاعة
أن العبادة غاية الخضوع
و لا تستحق الا بغاية الانعام و لهذا لا يجوز أن يعبد غير الله تعالى و لا تكون
العبادة الا مع المعرفة بالمعبود و الطاعة الفعل الواقع على حسب ما أراده المريد
متى كان المريد أعلى رتبة ممن يفعل ذلك و تكون للخالق و المخلوق و العبادة لا تكون
الا للخالق و الطاعة في مجاز اللغة تكون اتباع المدعو الداعي الى ما دعاه اليه و
إن لم يقصد التبع كالانسان يكون مطيعا للشيطان و إن لم يقصد أن يطيعه ولكنه اتبع
دعاءه و ارادته.
(الفرق) بين الطاعة و موافقة الارادة
أن موافقة الارادة قد تكون
طاعة و قد لا تكون طاعة و ذلك اذا لم تقع موقع الداعي الى الفعل كنحو ارادتك أن
يتصدق زيد بدرهم من غير أن يشعر بذلك فلا يكون بفعله مطيعا لك و لو علمه ففعله من
أجل ارادتك كان مطيعا لك و لذلك لو أحس بدعائك الى ذلك فمال معه كان مطيعا لك.
(الفرق) بين الطاعة و الخدمة
أن الخادم هو الذي يطوف
على الانسان متحققا في حوائجه و لهذا لا يجوز أن يقال إن العبد يخدم الله تعالى، و
أصل الكلمة الاطافة بالشيء و منه سمي الخلخال خدمة ثم كثر
اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 215