اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 170
و البخل بالهيئات و لهذا تقول هو ضنين بعلمه و لا يقال بخيل
بعلمه لأن العلم أشبه بالعارية منه بالهبة و ذلك أن الواهب اذا وهب شيئا خرج من
ملكه، فاذا أعار شيئا لم يخرج أن يكون[1] عالما به
فأشبه العلم العارية فاستعمل فيه من اللفظ ما وضع لها و لهذا قال الله تعالى (وَ ما هُوَ
عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) و لم يقل ببخيل.
(الفرق) بين الشح و البخل
أن الشح الحرص على منع
الخير و يقال زند[2] شحاح اذا لم
يور نارا، و ان أشح عليه بالقدح كأنه حريص على منع ذلك، و البخل منع الحق فلا يقال
لمن يؤدي حقوق الله تعالى بخيل.
أن الفقر فيما قال
الازهري في تأويل قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ
الْمَساكِينِ) الفقير الذي لا يسأل و المسكين الذي يسأل، و مثله عن ابن
عباس و الحسن و جابر بن زيد و مجاهد و هو قول أبي حنيفة و هذا يدل على أنه رأى
المسكين أضعف حالا و أبلغ في جهة الفقر، و يدل عليه قوله تعالى
(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إلى قوله تعالى
(يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) فوصفهم بالفقر و أخبر
مع ذلك عنهم بالتعفف حتى يحسبهم الجاهل بحالهم أغنياء من التعفف و لا يحسبهم
أغنياء إلا و لهم ظاهر جميل و عليهم بزة حسنة، و قيل لاعرابي أفقير أنت[4] فقال بل
مسكين و أنشد:
فجعل للفقير حلوبة[6] و المسكين
الذي لا شيء له فأما قوله تعالى (فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي
الْبَحْرِ) فأثبت لهم ملك سفينة و سماهم مساكين فانه روى أنهم كانوا أجراء فيها و
نسبها إليهم لتصرفهم فيها