اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 137
عليهما السلام فان ذلك مجاز كقوله تعالى (إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) و لو كان لفظ الجمع
حقيقة في الاثنين لعقل منه الاثنان كما يعقل منه الثلاثة، و اذا كان قول الرجل
رأيت الرجال لا يفهم منه الا ثلاثة علمنا أن قول الخصم باطل.
(الفرق) بين الجمع و التأليف
أن بعضهم قال لفظ
التأليف في العربية يدل على الالصاق و لفظ الجمع لا[1] يدل على ذلك ألا ترى انك تقول جمعت
بين القوم في المجلس فلا يدل ذلك على أنك ألصقت أحدهم بصاحبه و لا تقول ألفتهم
بهذا المعنى و تقول فلان يؤلف بين الزانيين لما يكون من التزاق أحدهما بالآخر عند
النكاح و لذلك لا يستعمل التأليف الا في الاجسام، و الجمع يستعمل في الاجسام و
الاعراض فيقال تجتمع في الجسم أعراض، و لا يقال تتألف فيه أعراض، و لهذا يستعار في
القلوب لأنها أجسام فيقال ألف بين القلوب كما قال الله تعالى (وَ أَلَّفَ
بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) و يقال جمع بين الاهواء و لا يقال ألف بين الاهواء لانها
أعراض، و عندنا أن التأليف و الألفة في العربية تفيد الموافقة، و الجمع لا يفيد
ذلك ألا ترى أن قولك تألف الشيء و ألفته يفيد موافقة بعضه لبعض و قولك اجتمع
الشيء و جمعته لا يفيد ذلك و لهذا قال تعالى (وَ أَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِهِمْ) لأنها اتفقت على المودة و المصافاة، و منه قيل الالفان و
الأليفان لموافقة أحدهما صاحبه على المودة و التواصل و الأنسة، و التأليف عند
المتكلمين ما يجب حلوله في محلين فانما قيل يجب ليدخل فيه المعدوم، و الاجتماع
عندهم ما صار به الجوهر ان بحيث لا قرب أقرب منه، و قد يسمون التأليف مماسة و
اجتماعا، و قال بعضهم الخشونة و اللين و الصقال يرجع الى التأليف، و قال آخرون
يرجع الى ذهاب الجسم في جهات.