اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 128
مجاز، و عند أبي علي رحمه الله أنها حقيقة، و أصل العمل في
اللغة الدؤوب و منه سميت الراحلة يعملة و قال الشاعر:
و قالوا قف و لا تعجل
و إن كنا على عجل
قليل في هواك اليو
م ما نلقى من العمل
أي من الدؤوب في السير،
و قال غيره^
و البرق يحدث شوقا كلما عملا
^
و يقال عمل الرجل يعمل و اعتمل إذا عمل بنفسه و أنشد الخليل:
إن الكريم و أبيك يعتمل
إن لم يجد يوما على من يتكل
(الفرق) بين العمل و الصنع
أن الصنع ترتيب العمل و
إحكامه على ما تقدم علم به و بما يوصل الى المراد منه، و لذلك قيل للنجار صانع و
لا يقال للتاجر صانع لأن النجار قد سبق علمه بما يريد عمله من سرير أو باب و
بالأسباب التي توصل الى المراد من ذلك و التاجر لا يعلم اذا اتجر أنه يصل الى ما
يريده من الربح أو لا فالعمل لا يقتضي العلم بما يعمل له ألا ترى أن المستخرجين و
الضمناء و العشارين من أصحاب السلطان يسمون عمالا و لا يسمون صناعا اذ لا علم لهم
بوجوه ما يعملون من منافع عملهم كعلم النجار او الصائغ بوجوه ما يصنعه من الحلى و
الآلات، و في الصناعة معنى الحرفة التي يتكسب بها و ليس ذلك في الصنع، و الصنع
أيضا مضمن بالجودة، و لهذا يقال ثوب صنيع و فلان صنيعة فلان اذا استخصه على غيره و
صنع الله لفلان أي أحسن اليه و كل ذلك كالفعل الجيد.
(الفرق) بين الجعل و العمل
أن العمل هو ايجاد الأثر
في الشيء على ما ذكرنا، و الجعل تغيير صورته بايجاد الأثر فيه و بغير ذلك ألا ترى
أنك تقول جعل الطين خزفا و جعل الساكن متحركا و تقول عمل الطين خزفا و لا تقول عمل
الساكن متحركا لأن الحركة ليست بأثر يؤثر به في الشيء، و الجعل أيضا يكون بمعنى
الاحداث و هو قوله تعالى (وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ) و قوله تعالى (وَ جَعَلَ
لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ)^ و يجوز أن يقال إن
اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 128