responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 30

عَمَرُوا وَ احْتَفَرُوا أَنْهَارَهَا وَ غَرَسُوا أَشْجَارَهَا وَ مَدَّنُوا مَدَائِنَهَا فَارَقُوهَا وَ هُمْ كَارِهُونَ وَ وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ وَ نَحْنُ بِهِمْ عَمَّا قَلِيلٍ لَاحِقُونَ يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْ مَصْرَعَكَ وَ فِي قَبْرِكَ مَضْجَعَكَ وَ مَوْقِفَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَشْهَدُ جَوَارِحُكَ عَلَيْكَ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ تَبْلُغُ‌ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ‌ وَ تَبْدُو السَّرَائِرُ وَ يُوضَعُ الْمِيزَانُ لِلْقِسْطِ يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْ مَصَارِعَ آبَائِكَ وَ أَبْنَائِكَ كَيْفَ كَانُوا وَ حَيْثُ حَلُّوا وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ حَلَلْتَ مَحَلَّهُمْ وَ صِرْتَ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِ وَ أَنْشَدَ شِعْراً

أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّتِي عَنْ حِفْظِهَا غَفَلَتْ‌

حَتَّى سَقَاهَا بِكَأْسِ الْمَوْتِ سَاقِيهَا

تِلْكَ الْمَدَائِنُ فِي الْآفَاقِ خَالِيَةً

عَادَتْ خَرَاباً وَ ذَاقَ الْمَوْتَ بَانِيهَا

أَمْوَالُنَا لِذَوِي الْوُرَّاثِ نَجْمَعُهَا

وَ دُورُنَا لِخَرَابِ الدَّهْرِ نَبْنِيهَا.

ما عبر أحد عن الدنيا كما عبر أمير المؤمنين ع بقوله‌- دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَ بِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَ لَا تَسْلَمُ نُزَّالُهَا أَحْوَالُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ وَ الْعَيْشُ فِيهَا مَذْمُومٌ وَ الْأَمَانُ فِيهَا مَعْدُومٌ وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ تَرْمِيهِمْ بِسِهَامِهَا وَ تُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ أَعْمَرَ دِيَاراً وَ أَبْعَدَ آثَاراً أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ خَامِدَةً وَ رِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً وَ أَجْسَادُهُمْ بَالِيَةً وَ دِيَارُهُمْ خَاوِيَةً وَ آثَارُهُمْ عَافِيَةً فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَيَّدَةِ وَ النَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ وَ الصُّخُورِ وَ الْأَحْجَارِ الْمُسْنَدَةِ وَ الْقُبُورِ اللَّاطِئَةِ الْمُلْحَدَةِ الَّتِي قَدْ بُنِيَ عَلَى الْخَرَابِ فِنَاؤُهَا وَ شُيِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وَ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشِينَ وَ أَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِينَ لَا يَسْتَأْنِسُونَ بِالْأَوْطَانِ وَ لَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِيرَانِ عَلَى مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَ دُنُوِّ الدَّارِ فَكَيْفَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ تَوَاصُلٌ وَ قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ البلاء [الْبِلَى‌] وَ أَكَلَهُمُ الْجَنَادِلُ وَ الثَّرَى وَ كَأَنَّكُمْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ وَ ارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ وَ ضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا تَنَاهَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ وَ بُعْثِرَتِ الْقُبُورُ وَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ‌.

اسم الکتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست