اسم الکتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 172
الصالح لقوله تعالى- فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. و مما يستدل
به على معرفة الله تعالى أيضا أنه لا بد للعالم من صانع لأنه لا يجوز أن تجتمع
ألواح السفينة و مساميرها و غيرها مع بعضها ببعض بغير جامع و لا مؤلف و لا تعبر
الناس بغير ملاح و لا معبر و لا مدبر لها و لا تمتلي السفينة من نفسها متاعا ثم
تصعد و تنحدر في البلاد من غير مدبر لها و إذا كان ذلك مستحيلا في العقول كان ذلك
في وجود هذا العالم العظيم أشد امتناعا و ما رأينا أيضا دولابا يدور بغير مدير و
لا رحى تطحن بغير طاحن و لا سراجا بغير مسرج فأي سراج أعظم من نور الشمس و القمر
يضيئان لأهل السماوات و الأرض و أهل المشارق و المغارب و أي دولاب أعظم من هذه
الأفلاك التي تقطع في اليوم الواحد و الليلة الواحدة ألوفا من السنين شمسها و
قمرها و نجومها تراها عيانا من غير مخبر يخبرك عنها كما قال تعالى رَفَعَ
السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها و أشار بذلك إلى أنها آية عظيمة تدل على
عظم صانعها و محكم تدبيره و واسع قدرته و قال تعالى أَ فَلا يَنْظُرُونَ
إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَ إِلَى
الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ. وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ و قال تعالى إِنَّ فِي
خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ
لِأُولِي الْأَلْبابِ. و الآيات في ذلك كثيرة و لا بد لها من صانع و مدبر حكيم
فتفكروا و اعتبروا تجدوا دلالات توحيده أضوأ من الشمس و أنور من القمر و كل من
وصفه بتحديد فهو ملحد و من أشار إليه في جهة فهو كافر و من تصوره فهو ضال و من
شبهه فهو جاحد كلما ميزتموه بأوهامكم و أدركتموه ممثلا في نفوسكم و مصورا في
أذهانكم فهو محدث مصنوع مثلكم فالعارف به فهو الموحد له برفع هذه الأسباب
المستحيلة عليه. و مما يستدل به على توحيد الله و عظم قدرته أمر الفيل و أصحابه
الذين أخبر الله تعالى عنهم و ما أصابهم مما ليس لأحد فيه حيلة بوجه من الوجوه و
لا إلى إنكاره سبيل لاشتهاره فإنه لا يجوز أن يقول النبي ص لقريش في وجوههم-
اسم الکتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 172