اسم الکتاب : الولاية الالهية الاسلامية او الحكومة الاسلامية المؤلف : المؤمن القمي، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 531
فلا دلالة في هذه الآيات على مشروعية عقد
المهادنة لا مع المشركين و لا مع غيرهم.
و هنا نكتة ينبغي التنبّه لها و هي: أنّ ظاهر الآيات الشريفة أنّه
كان بين المسلمين و المشركين قبل نزول هذه الآيات معاهدة و اللّه تعالى في هذه
الآيات حكم بانها غير واجبة الوفاء بل لا مجال الاعتناء بها فانظر إلى قوله تعالى
في الآية الاولى:
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ فترى أنّه قد حكم بتحقق براءته و براءة
رسوله من المشركين الّذين عاهدهم المسلمون و أمهلتهم الآية الثانية أربعة أشهر هي
أشهر السياحة و أكّد هذه البراءة في الآية الثالثة و صرّحت الآية الخامسة بأنّه
إذا انسلخ هذه الأشهر الأربعة فيجب التضييق على المشركين و قتلهم مهما وجدوهم إلى
أن يتوبوا و يؤمنوا.
و قد ذكرت الآية الرابعة في مقام سرّ استثناء من استثنى منهم جملا
يستفاد منها علّة هذه البراءة في غيرهم فقال:
الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَ
لَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً[1] فمن الجملتين المعطوفتين يعلم أنّ سرّ عدم وجوب الوفاء بمعاهدة غير
هؤلاء انهم نقصوا المسلمين شيئا أو ظاهروا عليهم أحدا، فهذا هو علّة عدم الاعتناء
بالمعاهدة معهم و إعلام البراءة منهم. و هذا السرّ لإعلام البراءة يظهر من الآيات،
فراجع الآية السابعة إلى الخامسة عشر، و الحمد للّه.
فالمتحصّل ممّا مرّ: أنّ الدالّ على مشروعية الصلح من الكتاب إنّما
هو آية الأنفال الماضية.
و أمّا السنّة:
1- فربّما يستدلّ على جواز الصلح بما مرّ عن العلّامة في التذكرة
بقوله:
«و صالح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهيل بن عمرو بالحديبية
على وضع القتال عشر سنين»[2] و هو محلّ
كلام بل منع، و ذلك أنّ صلح الحديبية كان في سنة الستّ من الهجرة، كما