responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اساس السياسة المؤلف : القفطي، على بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 88

الشفاعات في إسقاط شي‌ء من أسهلها و أشدّها. و الإعراض عن إظهار أنّ للنفس حظا بالجملة في استيفائها و إشعار القلوب أنه لا محيد عن امتثال الشريعة الإلهية في ذلك و اتباع قضائها. فإذا تحقّق المذنب أنه غير مأخوذ إلّا بذنبه. و لا يجازى إلّا بما قدمت يداه من كسبه. و أن المعاقب لا أرب له في عقابه إلّا امتثال أمر ربّه. زالت الضغينة من نفسه و سكنت الرهبة في قلبه.

[التدبير و التبذير]

و اعلم أيها الملك- أيّدك اللّه- إنه يجب على الملك أن يعمّ بالقوت‌[1]. و يمنع من فضول العيش التي تمتنع بها كثير من المصالح و تفوت. و هي مع ذلك مادة البطر و الأشر[2]. و الباعث على كلّ شرّ يستطير له شرر. و يتفقد أجناده و حظاياه و أبناء دولته و من يلتزم أمره من رعاياه. فيقدّر لكلّ منهم من الرزق على قدر همته. و لا يقتصر به على البلغة[3] من كفايته. فإن الهمم تختلف باختلاف الأشخاص.

و النفوس فيها متفاوتة فمنها ما تجب له الزيادة، و منها ما يتعيّن منه الانتقاص. و أعدل الهمم ما كان وسطا بين طرفي التبذير و التقتير.

و عدلا غير مائل إلى أحد جانبي التفريط بالتقليل و لا الإفراط بالتكثير و الملك أمين اللّه في بلاده. و خليفته على من خلق من عباده أقامه لتدبير خلقه. و جعله قاسما بينهم لما قدّره لكلّ منهم من رزقه.

و الملك في يده وديعة، فلا ينبغي له أن يغلّ‌[4]. و أمانة فلا يجوز له أن يقصر في حفظه و لا بشرط صيانته أن يخلّ. و من الغلول اتفاقه في‌


[1] راجع الفقرة نفسها، ص 49.

[2]الأشر: كفر النعمة.

[3]البلغة: الحدّ الأدنى.

[4]الغلّ: الحقد و الضغن.

اسم الکتاب : اساس السياسة المؤلف : القفطي، على بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست