الشفاعات في إسقاط شيء من أسهلها و أشدّها.
و الإعراض عن إظهار أنّ للنفس حظا بالجملة في استيفائها و إشعار القلوب أنه لا
محيد عن امتثال الشريعة الإلهية في ذلك و اتباع قضائها. فإذا تحقّق المذنب أنه غير
مأخوذ إلّا بذنبه. و لا يجازى إلّا بما قدمت يداه من كسبه. و أن المعاقب لا أرب له
في عقابه إلّا امتثال أمر ربّه. زالت الضغينة من نفسه و سكنت الرهبة في قلبه.
[التدبير و التبذير]
و اعلم أيها الملك- أيّدك اللّه- إنه يجب على الملك أن يعمّ بالقوت[1]. و يمنع من فضول العيش التي تمتنع
بها كثير من المصالح و تفوت. و هي مع ذلك مادة البطر و الأشر[2].
و الباعث على كلّ شرّ يستطير له شرر. و يتفقد أجناده و حظاياه و أبناء دولته و من
يلتزم أمره من رعاياه. فيقدّر لكلّ منهم من الرزق على قدر همته. و لا يقتصر به على
البلغة[3] من
كفايته. فإن الهمم تختلف باختلاف الأشخاص.
و النفوس فيها متفاوتة فمنها ما تجب له الزيادة، و منها ما يتعيّن
منه الانتقاص. و أعدل الهمم ما كان وسطا بين طرفي التبذير و التقتير.
و عدلا غير مائل إلى أحد جانبي التفريط بالتقليل و لا الإفراط
بالتكثير و الملك أمين اللّه في بلاده. و خليفته على من خلق من عباده أقامه لتدبير
خلقه. و جعله قاسما بينهم لما قدّره لكلّ منهم من رزقه.
و الملك في يده وديعة، فلا ينبغي له أن يغلّ[4].
و أمانة فلا يجوز له أن يقصر في حفظه و لا بشرط صيانته أن يخلّ. و من الغلول
اتفاقه في