ثم قال: أما ما ذهب سمعي فإنّ بصري لم يذهب.
و إذ قد سلب البعض مني، فإنّ لي عوضا فيما لم يسلب.
ثم أمر فنودي في الناس ألا يلبس ثوبا أحمر إلّا مظلوم. و لا يعلن
بهذا الشعار إلّا من هو مهتضم مكظوم. و كان يركب الفيل في طرفي نهاره. و يرمي
الناس بحاسة أبصاره. فمن رآه مستشعرا شعار التظلم. أو مشيرا إشارة التضور و
التألم. أمر في الحال بكشف قصته و اتباعه غصته. ثم يقول: اللّهم هذا مبلغ جهدي و
حيلتي. فلا تواخذني بما لم تبلغه قدرتي[1].
ثم إنه- أيها الملك- قد قلّ ما يحمل إلى خزائنك من الأموال. و خلت
مخازن أقواتك من الغلال. و الملك إذا لم يؤت سعة من المال. انقطعت من تأميله علائق
الآمال. و لم يقدر على بلوغ شيء من أغراضه على حال.
[كرم الملوك]
و قد قيل: الكريم على الناس ذو المال. و الكريم فيهم ذو النوال.
فينبغي أن يكون الملك متلفا، مخلفا، واهبا، كاسيا، مبيدا، مفيدا.
[1] ورد هذا الخبر في أثناء حوار طويل وقع لأبي جعفر
المنصور مع رجل من أهل مكة: عيون الأخبار، المجلد الأول، 333- 336؛ الزهرات
المنثورة لابن سماك العاملي، 59- 60( نسبه إلى أحد ملوك الهند).
[2]البيت في
لسان العرب( عرا)؛ ما يتمثل به من الأبيات، 162: لابن مقبل في ديوانه 243 من قصيدة
تبلغ 55 بيتا، و لعبد اللّه بن همام السلولي في الكامل للمبرد، 663.