فلمّا انتهى الكلام بها مع الملك إلى هذا الحدّ. و عرف حسن تصرفها في
فنون الهزل و الجد. قصر عليها نظره و وفّر لها من وقته أكثره. فوهبه اللّه منها
غلاما ذكيا، و أخرج له من صلبه و ترائبها[3]
بشرا سويا. فعظم به سروره و سرور أهل مملكته و تحقّقوا بقاء الملك في عقبه و
ذريته.
فلما تجاوز الغلام حدّ الفطام و احتملت قوته نقل الشراب و الطعام،
قالت له: أيها الملك إنه ينبغي لك أن تحضر لولدك جليسا[4]
فاضلا. و ترتاد له حكيما[5] عالما
عاملا. ممّن غذيّ
[2]خصص
الثعلبي فصلا كاملا لأولياء العهد و كيفية تربيتهم( انظر له: أخلاق الملوك)، و
كذلك فعل الثعالبي( آداب الملوك)، و ابن رزين الكاتب( آداب الملوك).
[3]الترائب
سبق تعريفها، ص 51، و لاحظ سورة الطارق، 7.
[4]الجليس:
هو النديم و ينبغي أن تكون له ثقافة موسوعية و أفرد له الثعلبي فصلا في كتابه:
أخلاق الملوك، 49 و ما بعدها؛ كذلك فعل الثعالبي في كتابه آداب الملوك، 146؛ و ابن
رزين في آداب الملوك، 114. و انظر:
أدب النديم لكشاجم، 70- 71.
[5]الحكيم:
هو الطبيب. انظر: آداب الملوك للثعالبي، 44- 146؛ و آداب-- الملوك لعلي بن رزين
الكاتب، 123( أشار" ابن رزين" إلى تأليفه كتابا في طبّ الملوك لكن هذا
الكتاب لم يصل إلينا).