وإليك بيان هذه الشروط:

الشرط الأوّل: البلوغ‌

لقد استدلّ له مضافاً إلى أنّ المسألة إجماعية، بحديث رفع القلم عن الصبيّ حتّى يحتلم، ورفع القلم شامل للتكليف والحدود والعقوبات الإلهية، بل إذا لم يكن مكلّفاً بشي‌ء لا يمكن مجازاته على مخالفته، وجريان بعض التعزيرات في حقّ الصبيّ لمكان التربية خرج بالدليل.

مضافاً إلى ما ورد في مصحّحة يزيد الكناسي، عن أبي جعفر (ع) قال:

«الجارية إذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم، وزوّجت واقيمت عليها الحدود التامّة لها وعليها»

[1]، وفي ذيل الرواية عدم جريان الحدود الكاملة في حقّ الصغير أيضاً، نعم يجلد بمقدار سنّه ولا تعطل حدود الله في خلقه، والظاهر أنّه من باب التعزير لمكان التربية. وفي معناه روايات اخرى وردت في أبواب مقدّمات العبادات‌[2] وفي أبواب الحجر[3] وفي أبواب الوصايا[4]، فإنّ البحث عن أحكام البلوغ يكون في هذه الأبواب غالباً.

أضف إلى ذلك الروايات الدالّة على رفع القلم عن الصبيّ الواردة في أبواب مقدّمات العبادات، وقد أشرنا إليه آنفاً، وغيرها من الأبواب، ومن الواضح أنّ إطلاق رفع القلم يشمل جميع العقوبات والتكاليف.

بل يمكن أن يقال: إنّ هذا الحكم عقلائي جرت عليه سيرتهم وقد أمضاه الشارع المقدّس، فإنّهم قائلون بوجود حدّ سِنّي لشمول القوانين فلا يقولون بأنّ‌

[1]. وسائل الشيعة 20: 28، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب مقدّمات الحدود، الباب 6، الحديث 1.

[2]. راجع: وسائل الشيعة 42: 1 46، أبواب مقدّمات العبادات، الباب 4.

[3]. وسائل الشيعة 410: 18 412، كتاب الحجر، الباب 2.

[4]. وسائل الشيعة 366: 19 370، كتاب الوصايا، الباب 45 ..