ولكن قال
صاحب «الجواهر» ما حاصله: إنّ هذا اجتهاد في مقابل النصّ، فلو كان النصّ مقبولًا
لابدّ من الأخذ به ورفع اليد عن القواعد هنا[2].
أقول: الإنصاف
كما ذكرناه في محلّه أنّ حجّية خبر الواحد التي تكون عمدة دليلها بناء العقلاء لا
تقتضي الاعتماد عليه في مقابل القواعد المعروفة الثابتة. نعم إذا كانت الأخبار
متظافرة أو مؤيّدة بقرائن اخرى أمكن ذلك.
ولكن يمكن
أن يقال: إنّ الرواية ليست مخالفة للقواعد فإنّ تسليمه لحدّ الجلد دليل على قبول
كون حدّه من هذا القبيل، ولذا إذا نهى عن الزائد دليل على أنّه ارتكب ما يوجب ذلك
المقدار فقط، ففي الواقع يكون إقراراً عملياً يكون ما يوجب الحدّ من قبيل ما يوجب
الجلد، وبهذا المقدار.
وأمّا
تعدّد الإقرار لا يبعد اعتباره هنا أيضاً وتقييد إطلاق معتبرة محمّد بن قيس به
«اللهمّ إلا أن يقال: بعض الحدود كالقذف يثبت بالإقرار ولو بمرّة واحدة على قول
فلا حاجة إلى التقييد، ومنه يظهر أنّه لا تحتاج إلى ما ذكره في «كشف اللثام» من
أنّ إطلاق الخبر وفتوى الأصحاب نزل على الحدّ الذي يقتضيه ما وقع من الإقرار فلا
يحدّ مائة ما لم يقرّ أربعاً، ولا ثمانين ما لم يقرّ مرّتين.
والحاصل: إنّ كون
الرواية على خلاف القواعد غير ثابت فلابدّ من الأخذ بها بعد اعتبار سندها بعمل
المشهور.
[1]. صحيح البخاري 23: 8،
كتاب الحدود، باب إذا أقرّ بالحدّ ولم يبيّن؛ ونقله صاحب الجواهر 286: 41.