اسم الکتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة المؤلف : سبط ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 568
و قد روى
السدّي هذا المعنى عن أشياخه، و قال عقيبه: كان الشّيطان قد نزغ بين ابن عبّاس و
بين عليّ[1] عليه
السّلام مدّة ثمّ عاد إلى موالاته، قال: و سببه أنّ أمير المؤمنين[2]
ولّى ابن عبّاس البصرة، فمرّ ابن عبّاس بأبي الأسود[3]
الدؤلي فقال له:
لو
كنت من البهائم كنت جملا[4]، و لو
كنت راعيا ما بلغت به المرعى[5].
فكتب
أبو الأسود إلى عليّ[6] عليه
السّلام: أمّا بعد، فإنّ اللّه جعلك[7]
واليا مؤتمنا، و قد بلوناك فوجدناك عظيم الأمانة، ناصحا للرّعيّة، لا تأكل
أموالهم، و لا ترتشي في الحكم، و إنّ ابن عمّك قد أكل ما تحت يديه بغير علمك[8]،
فلم يسعني كتمانك ذلك، فانظر رحمك اللّه في ذلك.
فكتب
أمير المؤمنين [عليّ][9] عليه
السّلام إلى أبي الأسود: «أمّا بعد، فمثلك يا أبا الأسود
[5] - قال السيّد الأمين في ترجمة ابن عبّاس من أعيان
الشيعة 8/ 56: مواجهة ابن عبّاس لأبي الأسود بهذا الكلام البشع يصعب تصديقه، فابن
عبّاس كان أعرف بفضل أبي الأسود من كلّ أحد، فكيف يواجهه بهذا الكلام الذي لا يصدر
إلّا من الأسافل؟ و ابن عبّاس مع فضله و كمال معرفته لا يمكن أن يفوّه بمثل هذا
مهما كان السّبب الدّاعي إليه، و الذي يظهر أنّ ناسب ذلك إليه أراد الحطّ من مقام
أبي الأسود و ابن عبّاس معا لغرض في نفسه، و ذلك لإخلاصهما في حبّ عليّ عليه
السّلام و تشيّعهما له.