اسم الکتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة المؤلف : سبط ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 335
فإن قيل[1]:
فقد قال جدّك في الموضوعات[2]: هذا حديث
موضوع بلا شكّ[3]،
[1] - قوله:« فإن قيل» إلى قوله:« فما ظنّك بعليّ عليه
السّلام»، كما في ك، و في خ و خ ل بهامش ط هكذا: و قد ضعّف قوم هذا الحديث، و ذكره
جدّي في كتاب الموضوعات، و قال في إسناده جماعة ضعفاء، و سمّاهم، ثمّ قال: و صلاة
العصر صارت قضاء فلا يفيد[ ش و ج: و لا يفيد] رجوع الشمس.
قلت: قد حكى القاضي عياض في كتاب«
الشفا بتعريف حقوق المصطفى» عن الطحاوي أنّه ذكره في شرح مشكل الحديث و قال: روي
من طريقين صحيحين عن أسماء بنت عميس أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم كان رأسه في
حجر عليّ عليه السّلام[ ج و ش: رضي اللّه عنه] و هو يوحى إليه- و ذكرته، و فيه:-
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:« أصلّيت العصر؟» فقال:
« لا»، فقال رسول اللّه صلى اللّه
عليه و سلم:« اللّهم إنّه كان في طاعتك و طاعة رسولك فاردد عليه الشمس». قالت
أسماء:
فرأيتها طلعت بعد ما غربت و وقفت
على رؤوس الجبال، و ذلك بالصهباء في خيبر.
قال الطحاوي: و هاتان الروايتان
ثابتتان و رواتهما ثقات.
قال الطحاوي[ أيضا]: كان أحمد بن
صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء، لأنّه من علامات
النبوّة. و قوله: صارت صلاة العصر قضاء؟ قلت: إذا كان رجوع الشمس من علامات صحّة
نبوّة نبيّنا عليه الصلاة و السلام فكذا تصير صلاة العصر أداء حكما، لأنّ القضاء
يحكي الفائت.
و العجب من هذا! و قد ثبت في
الصحيح أنّ الشمس حبست ليوشع بن نون، و لا يخلو إمّا أن يكون ذلك معجزة لموسى عليه
السّلام، أو ليوشع، فإن كان لموسى فلنبيّنا صلى اللّه عليه و سلم أفضل، و عليّ
عليه السّلام أقرب إليه من يوشع إلى موسى، و إن كان معجزة ليوشع، فلا خلاف أنّ
عليّا عليه السّلام أفضل من يوشع، لأنّ أدنى أحواله أن يكون كواحد من علماء
الأمّة، و قد قال صلى اللّه عليه و سلم:« علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل»، فعلم
أنّ الحديث ثابت.
[2] - 1/ 266 باب فضائل عليّ عليه السّلام، الحديث
الحادي عشر.
[3] - أقول: عقد الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي
فصلا في كتابه« كفاية الطالب ص 381- 382» في-- حديث ردّ الشمس، و تكلّم فيه من حيث
الإمكان تارة، و من حيث صحّة النقل أخرى، و أمّا من ناحية الإمكان، فلا مجال
لإنكاره، لحديث ردّ الشمس ليوشع المتّفق على صحّته.
و أمّا من جهة صحّته، فقال: فقد
عدّه جماعة من العلماء في معجزاته صلّى اللّه عليه و اله، و منهم ابن سبع، ذكر في
شفاء الصدور و حكم بصحّته، و منهم القاضي عياض، ذكره في الشفا بتعريف حقوق
المصطفى، و حكى فيه عن الطحاوي أنّه ذكر ذلك في شرح مشكل الحديث، قال: روي من
طريقين صحيحين.
و قال ابن خزيمة: كان أحمد بن
صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء بنت عميس في ردّ
الشمس، لأنّه من علامات نبوّة نبينا صلّى اللّه عليه و اله و سلم.
و قد شفى الصدور الإمام الحافظ
أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد، و رواه
الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في تاريخه في ترجمة عبد اللّه بن حامد بن ماهان
الفقيه الواعظ المحدّث و خرّجه عنه ...
و قال الحافظ ابن حجر العسقلاني
في فتح الباري 6/ 168- كما في الغدير 3/ 132-: روى الطحاوي و الطبراني في الكبير و
الحاكم و البيهقي في الدلائل عن أسماء بنت عميس: أنّه صلى اللّه عليه و سلم دعا
لمّا نام على ركبة عليّ ففاتته صلاة العصر، فردّت الشمس حتّى صلّى عليّ ثمّ غربت،
و هذا أبلغ في المعجزة، و قد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات، و هكذا ابن
تيميّة في كتاب الردّ على الروافض في زعم وضعه، و اللّه أعلم.
و قال الإمام العيني الحنفي في
عمدة القاري شرح صحيح البخاري 7/ 146- كما في الغدير 3/ 123-: و قد وقع ذلك أيضا
للإمام عليّ رضي اللّه عنه، أخرجه الحاكم عن أسماء ... و ذكره الطحاوي في مشكل
الآثار ... و هو حديث متّصل و رواته ثقات، و إعلال ابن الجوزي هذا الحديث لا يلتفت
إليه.
و قال جلال الدين السيوطي في
مناقب عليّ عليه السّلام من اللآلي المصنوعة 1/ 337: ثمّ[ إنّ] الحديث صرّح[
به] جماعة من الأئمّة و الحفّاظ بأنّه صحيح- ثمّ ذكر ما قاله القاضي عياض و
الطحاوي و أحمد بن صالح المذكور عن كفاية الطالب- إلى أن قال في ص 341 في ختام
حديث ردّ الشمس: و ممّا يشهد بصحّة ذلك قول الإمام الشافعي رضي اللّه عنه و غيره:
ما أوتي نبيّ معجزة إلّا أوتي نبيّنا صلى اللّه عليه و سلم نظيرها أو أبلغ منها، و
قد صحّ أنّ الشمس حبست على يوشع ليالي قاتل الجبارين، فلا بدّ أن يكون لنبيّنا صلى
اللّه عليه و سلم نظير ذلك، فكانت هذه القصّة نظير تلك، و اللّه أعلم.
و قال عليّ بن برهان الدين الحلبي
في السيرة الحلبيّة 3/ 103 بعد ذكر حديث ردّ الشمس عن أسماء، ما لفظه:
قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيله
العلم أن يتخلّف عن حفظ هذا الحديث، لأنّه من أجلّ أعلام النبوّة و هو حديث متّصل،
و قد ذكر في الإمتاع: أنّه جاء عن أسماء عن خمسة طرق و ذكرها، و به يردّ ما قال
ابن كثير، بأنّه تفرّدت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها! و به يردّ
على ابن الجوزي، حيث قال فيه: إنّه حديث موضوع-- بلا شكّ.
و قال مفتي الشافعيّة بمكّة
المشرّفة السيّد أحمد زيني دحلان في السيرة النبويّة- المطبوعة بهامش السيرة
الحلبيّة 3/ 126- بعد ذكر حديث ردّ الشمس عن الطحاوي عن أسماء، و بعد نقل كلام
أحمد بن صالح المصري المتقدّم في كفاية الطالب، ما لفظه: و أحمد بن صالح من كبار
أئمّة الحديث الثقات، و حسبه أنّ البخاري روى عنه في صحيحه، و لا عبرة بإخراج ابن
الجوزي لهذا الحديث في الموضوعات، فقد أطبق العلماء على تساهله في كتاب الموضوعات
حتّى أدرج فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة، قال السيوطي: و من غريب ما تراه
فاعلم[؟] فيه حديث من صحيح مسلم.
قال في المواهب في حديث ردّ
الشّمس: قد صحّحه الطحاوي و القاضي عياض، قال الزرقاني: و ناهيك بهما.
و أخرجه ابن مندة و ابن شاهين من
حديث أسماء بنت عميس رضي اللّه عنها بإسناد حسن، و رواه ابن مردويه من حديث أبي
هريرة بإسناد حسن أيضا، و رواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد حسن- كما حكاه شيخ
الإسلام قاضي القضاة ولي الدين العراقي في شرح التقريب- عن أسماء.
و لمزيد التحقيق حول الحديث سندا
و متنا راجع الغدير للعلّامة الأميني 3/ 127- 141، و لاحظ أيضا ج 5 ص 23- 24 منه
فإنّ فيه ما يناسب المقام جدّا.
اسم الکتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة المؤلف : سبط ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 335