responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المسائل و الرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة المؤلف : أحمد بن حنبل    الجزء : 1  صفحة : 231

اللّه عليه و سلم على ماعز بن مالك و على الغامدية مع قوله: «لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له»[1] و مثل إقامة الحد على من شرب النبيذ المتنازع فيه متأولا، مع العلم بأنه باق على العدالة ... و كذلك نعلم أن خلقا لا يعاقبون فى الدنيا مع أنهم كفار فى الآخرة، مثل أهل الذمة المقرين بالجزية على كفرهم، و مثل المنافقين المظهرين الإسلام فإنهم تجرى عليهم أحكام الإسلام و هم فى الآخرة كافرون كما دل عليه القرآن فى آيات متعددة كقوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً[2] الآية، و قوله: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً، فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى‌ وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا[3] الآية و هذا لأن الجزاء فى الحقيقة إنما هو فى الدار الآخرة، التى هى دار الثواب و العقاب. و أما الدنيا فإنما يشرع فيها من العقاب ما يدفع به الظلم و العدوان كما قال تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[4] و إذا كان الأمر كذلك فعقوبة الدنيا غير مستلزمة لعقوبة الآخرة و لا بالعكس. و لهذا أكثر السلف يأمرون بقتل الداعى إلى البدعة الّذي يضل الناس لأجل فساده فى الدين سواء قالوا هو كافر أو ليس بكافر.

و إذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال و أمثالهم- بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار- لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية، التى يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، و إن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر.


[1] - انظر: خبر ماعز بن مالك و خبر الغامدية فى صحيح مسلم: 3/ 1319- 1323 و انظر: فتح البارى: 12/ 117، 120- 121، 135- 136.

[2] - سورة النساء/ 145.

[3] - سورة الحديد/ 12- 14.

[4] - سورة الأنفال/ 39.

اسم الکتاب : المسائل و الرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة المؤلف : أحمد بن حنبل    الجزء : 1  صفحة : 231
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست