اسم الکتاب : المسائل و الرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 193
تيمية: قال
أحمد بن حنبل رحمه اللّه: منه بدا أى هو المتكلم به، فإن الذين قالوا إنه مخلوق
قالوا خلقه فى غيره فبدأ من ذلك المخلوق فقال السلف: «منه بدا» أى هو المتكلم به
لم يخلقه فى غيره فيكون كلاما لذلك المحل الّذي خلقه فيه[1]
فإن اللّه تعالى إذا خلق صفة من الصفات فى محل كانت الصفة صفة لذلك المحل و لم تكن
صفة لرب العالمين، فإذا خلق طعما أو لونا فى محل كان ذلك المحل هو المتحرك المتلون
به، و كذلك إذا خلق حياة أو إرادة أو قدرة أو علما أو كلاما فى محل كان ذلك المحل
هو المريد، القادر، العالم المتكلم بذلك الكلام، و لم يكن ذلك المعنى المخلوق فى
ذلك المحل صفة لرب العالمين، و إنما يتصف الرب تعالى بما يقوم به من الصفات، لا
بما يخلقه فى غيره من المخلوقات، فهو الحى، العليم، القدير، السميع، البصير،
الرحيم، المتكلم بالقرآن و غيره من الكلام، بحياته و علمه و قدرته و كلامه القائم
به لا بما يخلقه فى غيره من هذه المعانى[2].
و
يقول أيضا: و ليس معنى قول السلف و الأئمة: إنه منه خرج و منه بدأ أنه فارق ذاته و
حل بغيره فإن كلام المخلوق إذا تكلم به لا يفارق ذاته و يحل بغيره فكيف يكون كلام
اللّه؟ قال تعالى: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ
إِلَّا كَذِباً[3]
فقد أخبر أن الكلمة تخرج من أفواههم، و مع هذا فلم تفارق ذاتهم.
و
أيضا: فالصفة لا تفارق الموصوف و تحل بغيره، لا صفة الخالق و لا صفة المخلوق ... و
لكن مقصود السلف الرد على هؤلاء الجهمية فإنهم زعموا أن القرآن خلقه اللّه فى غيره
فيكون قد ابتدأ و خرج من ذلك المحل الّذي خلق فيه لا من اللّه، كما يقولون: «كلامه
لموسى خرج من الشجرة»[4] فبين
السلف و الأئمة أن
[1] - انظر: مزيدا من التوضيح لمقولة السلف هذه فى شرح
العقيدة الطحاوية ص: 181، 182، 194- 195.