و قصّة عيسى
إلى قوم و قصّة نوح إلى آخرين، فأراد اللّه بلطفه و رحمته أن يشهر هذه القصص في
أطراف الأرض، و يلقيها في كلّ سمع، و يثبّتها في كلّ قلب، و يزيد الحاضرين في
الإفهام».
فالشيخ
الطوسي يفسّر التكرار بعاملين:
الأوّل:
معالجة التفرّق في القطع القرآنية؛ ليكون تكرار القصّة موجبا لوصولها إلى الجميع.
و
الثاني: زيادة إفهام الحاضرين الذين يصلهم القرآن الكريم بكامله.
و
عبارة الشيخ الطوسيّ ربما لا تعالج المسألة بشكل أساس، غير أنّها تدلّ على أنّ
الموضوع طرح في الدراسات القرآنية عند القدماء أيضا.
و
نحن هنا نذكر بعض الوجوه التي يمكن أن تكون تفسيرا لتكرار القصّة الواحدة في
القرآن الكريم:
الأوّل:
أنّ التكرار إنّما يكون بسبب تعدّد الغرض الدينيّ الذي يترتب على القصّة الواحدة،
و قد عرفنا في بحثنا السابق لأغراض القصّة[1]
أنّ أهداف القصّة متعدّدة، فقد تأتي القصّة في موضع لأداء غرض معين، و تأتي في
موضع آخر لأداء غرض آخر و هكذا.
الثاني:
أنّ القرآن الكريم اتّخذ من القصّة اسلوبا لتأكيد بعض المفاهيم الإسلامية لدى
الامّة المسلمة، و ذلك عن طريق ملاحظة الوقائع الخارجية التي كانت تعيشها الامّة،
و ربطها بواقع القصّة من حيث وحدة الهدف و المضمون.
و
هذا الربط بين المفهوم الإسلامي في القصّة و الواقعة الخارجية المعاشة
[1] - لزيادة الإيضاح انظر سيد قطب: التصوير الفني في
القرآن: 128- 134.