و
قد حاول الشيخ محمد عبده أن يضيف سببا آخر يفسر فيه عدم تعرض القرآن الكريم لذكر
التفاصيل في القصص القرآني؛ و هو: «أنّ تسجيل الحوادث التاريخية بتفاصيلها يؤدّي
في النهاية إلى الوقوع في الأخطاء الكثيرة، و هذا ما تجنبه القرآن، و لذا اقتصر
على ذكر الكليات و العموميات»[1] و لكن هذه
المحاولة غير صحيحة؛ لسببين:
الأوّل:
أنّ القرآن الكريم هو وحي إلهيّ و لا يمكن أن نتصوّر فيه الخطأ و الاشتباه سواء
تناول الجزئيات أو الكليات.
الثاني:
أنّ القرآن الكريم تناول- أحيانا- بعض التفاصيل الصغيرة في قصص الأنبياء لأغراض
معينة، مثل: تأكيد عدم صلب المسيح و كيفية ولادته، أو تفاصيل الحياة الشخصية لموسى
في ولادته و تربيته، و خروجه من مصر، و هجرته و رجوعه.
يقول
العلّامة الطباطبائي في تأكيد هذا الجانب من النظرية و الفهم:
«و
القرآن الكريم كتاب دعوة و هداية لا يتخطى عن صراطه و لو خطوة، و ليس كتاب تاريخ و
لا قصّة، و ليست مهمته مهمة الدراسة التاريخية، و لا مسلكه مسلك الفن القصصي، و
ليس فيه هوى ذكر الأنساب، و لا مقدرات الزمان و المكان، و لا مشخصات أخر لا غنى
للدرس التاريخي و القصّة التخيلية عن إحصائها و تمثيلها»[2].