و
هذه المظاهر من أخطر الظواهر التي واجهت الأديان الإلهيّة حين تعرضت للتحريف في
العبادة و العلاقة مع اللّه تعالى مع الاحتفاظ بنفس المفاهيم و الشعارات الأصلية،
و وجد المحرفون دائما المبررات و الذرائع و العناوين التي يوجهون فيها هذه
الانحرافات.
و
من أجل ذلك تبنى الاسلام مبدأ التوقيفية في العبادة و التزم بأنّها منهج معين يضعه
اللّه- سبحانه- للانسان ليصوغ به غريزة التدين و احساسه بالدين، و يحدد فيه شكل
العلاقة باللّه تعالى و صيغتها، و لا يصح للإنسان أن يتصرف في هذا الأمر بحسب
ميوله أو اجتهاده للتعبير عن هذه العلاقة، و السر في ذلك كله هو: أنّ طبيعة
العلاقة بين اللّه- تعالى- و الإنسان إنّما هي علاقة غيبية، لأنّ طرفها الآخر هو
اللّه تعالى، و لا يمكن للإنسان- و هو موجود مادي- أن يدرك الطريق الذي يوصله
للتقرب إلى اللّه تعالى بنفسه، فلا بدّ له من أجل تحقيق ذلك أن يشخص اللّه- تعالى-
له هذا الطريق، فقد يكون ما يتصوره الإنسان مقربا نحو اللّه مبعدا عنه، كما جاء
ذلك في بعض النصوص التي وردت عن أهل البيت عليهم السّلام[2].
[2] - و قد ورد عن الإمام الصادق لمّا سئل عن العبادة:
أنّه قال:« حسن النية بالطاعة من الوجوه التي يطاع اللّه منها». كما ورد عن أبي
جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه« ألا إنّ لكلّ عبادة شرة[ الرغبة الشديدة]
ثمّ تصير إلى فترة، فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى، و من خالف سنتي فقد
ضلّ، و كان عمله إلى تبار». الكافي 2: 83 و 85.