الطبيعية
للصراع الفكري و الاخلاقي و السياسي و الاجتماعي، كما أنّنا نجد في هذا العرض
للموضوع في القصّة إيضاحا للأعباء التي يتحملها النبي في سبيل الدعوة، و أنّها
ليست أعباء عادية يتمكن كلّ واحد من الناس أن يتحملها، و إنّما هي تحتاج إلى إرادة
قوية و عزم شديد و تصميم عميق الجذور على السير في خط الدعوة حتى في أشدّ الظروف
الموضوعية قسوة و أبعدها ملائمة، و يتعرض فيها الرسول إلى ألوان من العذاب النفسي
و الجسدي و الأخطار التي ترتبط بحياته و سمعته و شخصيته، بل قد ينتهي الأمر بأن
يتعرض النبي إلى القتل و الاغتيال نتيجة لذلك.
و
هذه الآلام قد تكون بسبب الموقف الخارجي للاعداء الظاهرين العلنيين، و قد تكون من
مرضى القلوب و النفوس، و الاعداء الداخليين المنافقين، و قد تكون من ضعفاء الايمان
و البسطاء و الجهال من الناس.
و
حين يشير القرآن إلى ألوان المواجهة و أساليبها في هذه القصّة نجد أنفسنا أمام
الواقع الاجتماعي الذي كان يواجه به النبي صلّى اللّه عليه و آله في دعوته و أمام
الأساليب و الألوان نفسها، فكأنّ قصّة موسى عليه السّلام إنّما هي تعبير عن مسيرة
دعوة النبي و آلامه، و لعلّ هذا هو أحد الأسباب المهمة الذي يفسر لنا مجيء قصّة
موسى بهذا القدر من التفصيل في القرآن الكريم.
4-
الجانب التحريفي في العبادة:
من
الموضوعات الهامة التي تعرضت لها القصّة هو الجانب التحريفي في العبادة، فإنّ بني
إسرائيل و غيرهم- كما يبدو من انقيادهم لموسى- آمنوا به و بدعوته، و لكن هذا
الإيمان بالشعارات العامة التي كان يرفعها موسى لا يعني أنّهم كانوا يعرفون
محتواها الأصيل بأدق معانيه و جميع أبعاده. الأمر الذي لو حصل كان من الممكن أن
يصدهم عن الانسياق وراء أفكار وثنية اخرى. لذلك نجدهم- و هم قد خلصوا من عذاب
فرعون و مطاردته، و تحرّروا من طغيانه- تطفو على