ننكر ما
للمعجزة من تأثير كبير في الجانب الأوّل من العقيدة أيضا.
و
في قصّة موسى نجد في الموضوعات التي تحدّثت عنها القصّة هذه الأساليب و الأدلة، و
أكّدتها في مواضع عديدة، حيث تناولت بعض الأدلة و البراهين التي اعتمدها موسى في مخاطبة
فرعون بالإضافة إلى المعجزات.
بل
نجد أنّ هذه المخاطبة (مخاطبة العقل و الوجدان) جاءت قبل أن يستند موسى إلى دليل
آخر من الآيات و المعجزات؛ لأنّ التسلسل المنطقي للتفكير و الانفعال كان يفرض ذلك،
فإنّ النبي يخاطب العقل و الوجدان في بداية الأمر، ثمّ يعمل بعد ذلك على كسر
الحواجز النفسية و الروحية التي تمنع العقل و الوجدان من الإدراك و الفهم.
كما
نجد موسى في هذه المخاطبة يتبع الأساليب المختلفة التي كانت تتصف باللين و الرفق
تنفيذا لأمر ربه، فكان يتوسل إلى فرعون أحيانا، و يتحدّث إليه بالقول (اللين) و
يذكره بآيات اللّه أحيانا اخرى، كما قد يشير إلى عذاب الآخرة و عاقبة الإصرار على
الكفر و الطغيان ثالثة، كلّ ذلك من أجل أن يحقّق النبيّ غاياته التي يرمي إليها، و
هي: هداية الناس إلى اللّه سبحانه و سعادتهم في الدنيا و الآخرة.
و
يهدف القرآن الكريم من تناول هذا الموضوع في القصّة و غيرها إلى هدف من أهدافه
الرئيسة، و هو: تأكيد أنّ مسألة الإيمان باللّه- سبحانه- ليست مسألة غريبة في حياة
الانسان غرابة المعاجز و الآيات، و إنّما هي شيء فطري ينبع من ذات الإنسان و
يهديه إليها عقله و حسه و وجدانه، و لذلك اعتمد الأنبياء مخاطبة الناس عن هذا
الطريق قبل أن يخاطبوهم عن طريق المعجزة و الآية.
كما
أنّه يهدف- أيضا- إلى أن الرسول صلّى اللّه عليه و آله حين يدعو الناس إلى اللّه
لا يكتفي بطرح الفكرة فحسب، و يطلب منهم الإيمان المقلد الساذج نتيجة لوجود