قوم إبراهيم عليه السّلام
لم يتحدّث القرآن الكريم عن قوم إبراهيم عليه السّلام الذي ولد بينهم، و بدأ دعوته و رسالته فيهم إلّا قليلا، حيث أشار إلى عدة أبعاد في حياتهم:
أ- البعد العقائدي الذي كان يتمثل بعبادة الأوثان، حيث كانوا يعبدونها و يعتقدون أنّها هي التي تمنحهم الرزق. و قد توارثوا هذه العبادة عن آبائهم الأقدمين، حتى إنّهم أخذوا يصنعون الأصنام و يتداولونها بينهم. وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[1].
كما أنّهم لم يكونوا يعتقدوا بالمعاد و الدار الآخرة، كما يشير إلى ذلك استدلال إبراهيم عليه السّلام بدعوته لهم على المعاد و النشأة الآخرة أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ* وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ[2].
و بهذه العقيدة الفاسدة كانوا قد تحولوا من عبادة اللّه- تعالى- إلى عبادة
[1] - العنكبوت: 16- 17.
[2] - العنكبوت: 19- 22.