الثالث: أنّ
المقطع يؤكد بشكل خاص ملامح معاناة النبي موسى عليه السّلام في سبيل الدعوة، سواء
في ذلك المعاناة النابعة من الذات: من الانفعالات و المخاوف النفسية، أو الحرص
الشديد على نجاح الدعوة و سلامتها و التزام أبنائها بها، أو التي تكون نتيجة
العقبات و المشاكل و الصعوبات التي تثار عند المواجهة و التطبيق، سواء من قبل
الكافرين بالدعوة أصلا أو المؤمنين بها، أو نعم اللّه و ألطافه به من خلال ذلك.
فهناك
عدّة انعكاسات لمواقف الرسالة و الدعوة في ذات موسى:
الأوّل:
مفاجأته بالرسالة، و كذلك فزعه من المعجزة و تحول العصا إلى حية.
الثاني:
تردّده في الإقدام على الدعوة بمفرده، و طلبه انضمام أخيه هارون إليه.
الثالث:
خوفه مع أخيه من التحدث إلى فرعون و مواجهته بالدعوة، مع أنّهما امرا أن يقولا
قولا لينا.
الرابع:
إحساسه بالخوف من سحرهم، و توجسه من نتائج المباراة.
الخامس:
موقفه مع ربّه في المواعدة، و مخاطبة اللّه له بأنّه قد أعجل عن قومه.
السادس:
غضب موسى و أسفه، و موقفه الصارم من قومه و أخيه و السامري.
و
قد صاغ القرآن الكريم هذه الانفعالات من خلال طريقة العرض على الشكل الذي يؤكد
معاناة النبي، و يبرز ملامح شخصيته؛ إذ كان يؤكد في طريقة العرض ضمير المخاطبة
سواء بين اللّه و موسى أو بين موسى و الآخرين.
و
إضافة إلى ذلك نجد أمام موسى عليه السّلام مجموعة من العقبات و المشاكل الحقيقية
المهمة، مثل: محاولة السحرة تضليل الناس، أو استخدام فرعون لاسلوب القمع و التهديد
به، أو مطاردة فرعون و جيشه لموسى و بني إسرائيل في محاولتهم للعبور،