بأنّ الجميع
إمّا أن تكون ممكنة بالذات جميعاً، أو فيها واجب على تلك الصفة من العلّية وعدم
المعلولية.
وعلى
الأوّل يلزم أن لا يوجد شيء منها؛ لأنّ الممكن من مقتضى طباعه أنّه لا يوجد من
ذاته ولا يترجّح من قبل نفسه، بل لابدّ له من مرجّح خارج عن تلك السلسلة- أعني:
سلسلة الممكنات- وحيث لا مرجّح خارج- لتساوي الجميع بالإمكان- فلا شيء منها
بموجود، وهو باطل بالحسّ والضرورة.
وعلى
الثاني فهو العلّة، وكلّ السلسلة معلولة له.
وأوضح
منه بطلان احتمال الدور؛ فإنّ المعدوم لا يؤثّر في نفسه ولا في غيره.
وسيأتي
لهذا كلّه زيادة توضيح فيما يلي إن شاء اللَّه[1].
ثمّ
حيث توطّدت هذه المبادئ وتمهّدت هذه المقدّمات، فقد انثلّت عروش الإلحاد، وتهاوت
على أهلها صروح الزندقة، وتداعت أركان دعاة التعطيل لو كان لها من أركان. ونحن
إبانةً للحقّ وإماتةً للباطل وإصراراً على تجلّي الحقيقة ووضوح شاكلة الصواب نبتني
على تلك الأُسس الرصينة والدعائم المحكمة التي شهدت بها ضرورة العقول وأوائل
الغرائز وجذع القرائح فضلًا عن قوارحها[2]،
نبتني عليها ما يلقي اللَّه علينا ويفتح لنا من أبواب الدليل والبرهان على هذا
الموضوع، ونقول: