اسم الکتاب : الامامة و الولاية في القرآن الكريم المؤلف : نخبة من العلماء الجزء : 1 صفحة : 90
و ضمن هذا
السياق يكون المراد بقوله تعالى: ما انزل إليك من ربّك
هو الدين الإلهي و الرسالة الإسلاميد بمجموعها بلا نظر الى تشريع خاص وحكم معيّن،
و قد يكون المراد به أمرا خاصا و لكنّه ليس كباقي الأوامر و الأحكام، و إنّما هو
أمر ينطوي على خصوصيات فريدة بحيث لا تضمن مصلحة الرسالة و لامستقبلها بدونه،
فكأنّ تبليغه تبليغ لكلّ الرسالة و عدم تبليغه عدم تبليغ لكلّ الرسالة، و من هنا
جاءت خطورته، و حذّر النبي صلّى اللّه عليه و اله من أحابيل الأعداء و انتظار
الفرصة المناسبة للإعلان عنه، فجاءت آية التبليغ لتنهي حالةالانتظار و التردّد، و
تزيل المخاوف و المحاذير، و تدعو النبي صلّى اللّه عليه و اله الى أن يصدع بهذا
الأمر الفيصل بين الإيمان و النفاق، و الذي يكرّس مركزية الامّة الإسلامية في
العالم، و هامشية أهل الكتاب فيهن بوصف أنّ الدور التاريخي قد انتقل منهم الى هذه
الامّة التي أصبحت مرشحة لوراثة الأرض، بوصفها الامّة الصالحة ذات المبدأ الصالح،
قال تعالى: أنّ الأرض
يرثها عبادي الصالحون[1].
و
إذا لاحظنا أنّ آية التبليغ و ما يحفّها من الآيات لم تكن أوّل ما نزل على الرسول
صلّى اللّه عليه و اله عرفنا أنّ عنوان: ما انزل إليك من ربّك
الوارد فيها لا ينطبق إلّا على تشريع متأخر لم يكن النبي صلّى اللّه عليه و اله قد
بلّغه بعد، بل إنّها تدل عليحكم يراد إعلانه كحكم أخير، سيكون به ضمان استمرار
الرسالة و مستقبلها، كما هو المفهوم صراحة من قوله تعالى: و إن
لم تفعل فما بلّغت رسالته حيث يدل هذا القول على أنّ النبيّ
قد بلّغ الرسالة و لم يبق منها إلّا شيء به ضمان مستقبل الرسالة و استمرارها، و
لذا فإنّ عدم تبليغ هذاالحكم سيعني عدم تبليغ أصل الرسالة، إذن فما هو هذا الحكم
العظيم الذي له هذه الخصوصيات: خشية الرسول صلّى اللّه عليه و اله فيه من الناس و
هو الذي لم يخش المشركين و لا أهل الكتاب،