الآلام المشتركة

فما هو الجامع المشترك بين هؤلاء الذين يجدون بينهم روابط قلبية وآمالًا وأهدافاً تربط بينهم وهم من أطراف العالم وأكنافه؟ في حين أنّها تفصل بينهم وبين مواطنيهم ومجاوريهم في بلدانهم.

- إنّ هذا العامل: هو الآلام المشتركة التي يشتركون فيها: ألم الظلم والاستعمار.

وقد كان ميلاد القومية والوطنية مصادفاً في زمانه مع العهد الذي أحسّ فيه الناس بألم أو خلأ عام ومشترك بينهم، فالقومية الألمانية إنّما ظهرت الى الوجود حينما أحسّ الألمانيون بالألم من جرّاء تدخل الفرنسيين فيهم بالتمييز والطبقية، وإنّ القومية الإيطالية أو المجرية أو الهندية أو الهند الصينية أو الجزائرية إنّما وجدت حينما شمل الإحساس بالألم والخلأ كلّهم أو جلّهم.

ويقول المحقّقون الغربيون في تاريخ إيران: الحقيقة أنّ الوطنية الإيرانية أو قُلْ الإحساس الجماعي القومي الإيراني إنّما ولد حينما بدأت نهضة تحريم التتن والتبغ، أي منذ ذلك العهد أحسّ جماعة من الإيرانيّين بألم الاستعمار والمستعمرين.

إذن: فالوجدان الجماعي والإحساس القومي والوطني بين جماعة من الناس، إنّمايولد حينما توجد بينهم‌آلام وآمال مشتركة، وهذه‌الآمال المشتركة هي التي تبني لهم أهدافهم الجماهيرية، وحينذاك يتحرّكون فيكافحون ويناضلون ويجاهدون، ويتحمّلون لذلك الألم والحرمان، وذلك الألم والأمل هما اللّذان يمدّان وجدانهم الجماعي بالقوام والدوام الأكثر فالأكثر، ويوجدان بينهم علاقات وروابط قلبية ووحدة قومية.

عوامل الوحدة

وحينما نلاحظ جميع الآلام التي أوجدت الى الآن الامم والقوميات ونقارن بعضها ببعض، نجد بينها عاملًا مشتركاً، هو أنّه: حينما أعلن الفيلسوف (فيخته)