وإنّما نستمر نحن هنا في هذا البحث بالاستفادة من مسلمات التاريخ والمقبول منه لدى أصحاب الرأي فيه وبالاعتماد على منقولاتهم فيه. وعلى هذا فما نقوله نحن هنا إنّما هو ما نقله هذا وذاك. ومن المقطوع به هنا أمران: الأوّل: أنّ إيران كانت لها قبل الإسلام حضارة عريقة وقديمة وذات سابقة تاريخية طويلة مشرقة والثاني: أنّ هذه الحضارة أفادت في الحضارة الإسلامية، كما يقول ب. ژ. مناشة:

«إنّ الإيرانيين قدّموا للإسلام بقايا حضارة مهذّبة، نفث فيها الإسلام روحاً جديدة فوجدت حياة جديدة»[1].

أمّا القسم الأوّل: أي تمتع إيران قبل الإسلام بحضارة قديمة وعريقة، فهو وان كان لايحتاج الى البيان والتوضيح، إلّا أنّ شرحه بشي‌ء من الاختصار، لايخلو من فائدة هنا، فنقول:

جاء في كتاب «روزگار باستان» تاليف «برمستد» بشأن النظم الإدارية لإيران على العهد الهخامنشي يقول:

«إنّ إدارة الدولة الإيرانية الشاهنشاهية التي كانت تمتد من بحر الجزائر الى نهر السند ومن المحيط الهندي الى بحر الخزر (أو قزوين)، لم يكن أمراً هيناً، ولم تكن قد قابلت مثل هذه الوظيفة الخطيرة أيّة حكومة قبل العهد الهخامنشيّ الذي بدأه كوروش واستمرّ به داريوش الكبير (585- 521 ق. م). وبالإمكان أن نحسب مثل هذه الإدارة الحكومية التي وجدت لأوّل مرّة في التاريخ، إحدى مراحل التاريخ التي ينبغي الإلتفات إليها ...».

وفيه أيضاً بشأن القوّة البحرية لإيران على العهد الهخامنشي يقول:

«كان لإيران على عهد خشايارشا بن داريوش مئات من السفن في البحر الأبيض المتوسط، وكانت إيران إذّاك أقوى قوّة بحرية».

وكتب يقول أيضاً:

[1] نقلًا عن كتاب( تمدن إيراني) بقلم جمع من المستشرقين وبترجمة الدكتور( عيسى بهنام)