وقد
أغفلهم الشيطان وأنساهم أنّ البكاء على الميت ولا سيّما الشهداء كان من سنة النبي
صلى الله عليه و آله.
فقد
روى البخاري في صحيحه: «أنّ النبي صلى الله عليه و آله نعى زيداً وجعفراً وابن
رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، وقال صلى الله عليه و آله:
أخذ
الراية زيد، فاصيب. ثمّ أخذها جعفر فاصيب. ثمّ أخذها ابن رواحة فاصيب- وعيناه
تذرفان»[1].
واحتمال
رجوع ضمير الهاء في «عيناه» إلى ابن رواحة خلاف الظاهر، فإنّ سياق الخبر يشهد كون
قوله: «و عيناه تذرفان» مسوقاً لبيان حالة النبي صلى الله عليه و آله.
وفي
ترجمة جعفر من الاستيعاب واسد الغابة والإصابة وخبر غزوة موتة من تاريخ الطبري
وغيره ما مخلّصه:
لمّا
اصيب جعفر وأصحابه دخل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بيته وطلب بني جعفر،
فشمّهم ودمعت عيناه، فقالت زوجته أسماء: بأبي وامّي ما يبكيك؟ أبلغت عن جعفر
وأصحابه شيء؟ قال: نعم اصيبوا هذا اليوم. فقالت أسماء فقمت أصبح وأجمع النساء،
ودخلت فاطمة وهي تبكى وتقول واعمّاه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على
مثل جعفر فلتبك البواكي.