الراغب المعنى الثانى إلى الأوّل حيث قال: «الهداية دلالة بلطف و منه
الهدية» ثم دفع الاشكال المقدّر بقوله: «إن قيل كيف جعلت الهداية دلالة
بلطف و قد قال اللَّه تعالى: «فاهدوهم إلى صراط الجحيم، و يهديه إلى عذاب
السعير» قيل ذلك استعمل فيه استعمال فيه استعمال اللفظ على التهكم
مبالغة في المعنى كقوله «فبشرهم بعذاب أليم» و قول الشاعر: تهية بينهم
ضرب و جيعٌ».
و قد ذكروا الهداية اللَّه (تعالى) اقساماً و أحسن المقال في بيان
أقسامها ما ذكره الراغب و لذا رأينا الأنسب الاقتصار بنقل عين كلامه و
هو لا يحتاج إلى توضيح: قال: «و هداية اللَّه (تعالى) للانسان على أربعة
أوجه الأوّل: الهداية التي عمّ بجنسها كل مكلف من العقل و الفطنة و
المعارف الضرورية التي أعم منها كل شي بقدر فيه حسب احتماله كما
قال: «ربنا الذي أعطى كل شي خلقه ثم هدى»، الثانى: الهداية التي جعل
للناس بدعائه إيّاهم على السنة الانبياء و إنزال القرآن و نحو ذلك و هو
المقصود بقوله تعالى: «و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا»، الثالث: التوفيق
الذي يختص به من اهتدى و هو المعنى بقوله تعالى: «و الذين اهتدوا
زادهم هدى» و قوله: «و من يؤمن باللَّه يهد قلبه» و قوله: «إنّ الذين آمنوا و
عملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم» و قوله: «و الذين جاهدوا فينا
لنهدينّهم سبلنا-/ و يزيد اللَّه الذين اهتدوا هدىً- فهدى اللَّه الذين آمنوا- و اللَّه
يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم»، الرابع: الهداية في الآخرة إلى الجنة