و التفويض. فان التوحيد في كل قسم من هذه الأقسام يكمّل شأناً من
شؤون المعرفة و الديانة و فقدان قسم منها يوجب الاختلال و النقصان
في مرتبة من مراتب المعرفة و الحرمان و السقوط عن درجة من
درجاتها. و الذي يوجد في أكثر الموحّدين و عامّتهم إنّما هو التوحيد في
الالوهية؛ بمعنى نفي الشريك له تعالى، دون ساير أنحاء التوحيد و
معاينة.
و لايخفى أنّ بعض أنحاء التوحيد ينشأ من المعرفة لا بالعكس. و
معنى هذه الفقرة بالنسبة إلى هذا البعض: أنّ التوحيد الجامع الكامل من
هذه الجهات يكشف عن تحقق المعرفة التامة الكاملة في الرتبة السابقة.
و بعبارة جامعة: يمكن أن يقال إنّ التوحيد الذاتي و الصفاتي و
الأفعالي واقعٌ في مرتبة المعرفة و الاعتقاد، بل مقوّم لمعرفة اللَّه و مشكّلٌ
لها.
و أما التوحيد في العبادة و التوكل و التفويض و نحو ذلك مما يرتبط
بمقام الطاعة و العبودية، ينشأ من معرفة اللَّه و يدور مدارها كمالًا و
نقصاً و شدّةً و ضعفاً.
و هذا هو المستفاد الصحيح المعقول من هذه الفقرة. و عليه فهذه
الفقرة من الحديث يتحمل كلا التفسيرين. ففي القسم الأوّل يكون
بالتفسير الأوّل و في القسم الثاني يكون بالتفسير الثاني. و التعبير
الجامع لهما ما جاءَ في نفس هذه الفقرة من كلام الامام عليه السلام.