و
كيف كان فلا إشكال من حيث النقل و العقل في حرمة إذاعة ما يوجب مهانة المؤمن و
سقوطه عن أعين الناس في الجملة. و إنما الكلام في أنها غيبة أم لا مقتضى الأخبار
المتقدمة بأسرها ذلك خصوصا المستفيضة الأخيرة فإن التفصيل فيها بين الظاهر و الخفي
إنما يكون مع عدم قصد القائل المذمة و الانتقاص و أما مع قصده فلا فرق بينهما في
الحرمة و المنفي في تلك الأخبار و إن كان تحقق موضوع الغيبة دون الحكم بالحرمة إلا
أن ظاهر سياقها نفي الحرمة فيما عداها أيضا لكن مقتضى ظاهر التعريف المتقدم عن كشف
الريبة عدمه لأنه اعتبر قصد الانتقاص و الذم إلا أن يراد اعتبار ذلك فيما يقع على
وجهين دون ما لا يقع إلا على وجه واحد فإن قصد ما لا ينفك عن الانتقاص قصد له
و
إن كان المقول نقصا ظاهرا للسامع
فإن
لم يقصد القائل الذم و لم يكن الوصف من الأوصاف المشعرة بالذم نظير الألقاب
المشعرة به فالظاهر أنه خارج عن الغيبة لعدم حصول كراهة للمقول فيه لا من حيث
الإظهار و لا من حيث ذم المتكلم و لا من حيث الإشعار و إن كان من الأوصاف المشعرة
بالذم أو قصد المتكلم التعيير و المذمة لوجوده فلا إشكال في حرمة الثاني بل و كذا
الأول لعموم ما دل على حرمة إيذاء المؤمن و إهانته- و حرمة التنابز بالألقاب و
حرمة تعيير المؤمن على صدور معصية منه فضلا عن غيرها. ففي عدة من الأخبار: من عير
مؤمنا على معصية لم يمت حتى يرتكبه و إنما الكلام في كونهما من الغيبة فإن ظاهر
المستفيضة المتقدمة عدم كونهما منها. و ظاهر ما عداها من الأخبار المتقدمة بناء
على إرجاع الكراهة فيها إلى كراهة الكلام الذي يذكر به الغير و كذلك كلام أهل
اللغة عدا الصحاح على بعض احتمالاته كونهما غيبة. و العمل بالمستفيضة لا يخلو عن
قوة و إن كان ظاهر الأكثر خلافه فيكون ذكر