نتناول
الآن التعارض المستقرّ الذي تقدّم انّ التنافي فيه بعد استقرار التعارض يسري الى
دليل الحجيّة، إذ يكون من الممتنع شمول دليل الحجّية لهما معا. و سنبحث هنا حكم
هذا التعارض في ضوء دليل الحجّية و بقطع النظر عن الروايات الخاصة التي عولج فيها
حكم التعارض، و هذا معنى البحث عما تقتضيه القاعدة في المقام.
و
المعروف انّ القاعدة تقتضي التساقط، لأنّ شمول دليل الحجية للدليلين المتعارضين
غير معقول، و شموله لاحدهما المعيّن دون الآخر ترجيح بلا مرجّح، و شموله لهما على
وجه التخيير لا ينطبق على مفاده العرفي و هو الحجّية التعيّنية، فيتعين التساقط.
و
نلاحظ من خلال هذا البيان انّ الانتهاء الى التساقط يتوقف على إبطال الشقوق
الثلاثة الاولى، فلنتكلم عن ذلك:
أمّا
الشق الأول و هو شمول دليل الحجّية لهما معا، فقد يقال: انّ الدليلين المتعارضين
تارة يكون مفاد أحدهما إثبات حكم الزامي و مفاد الآخر نفيه؛ و اخرى يكون مفاد كل
منهما حكما ترخيصيا؛ و ثالثة مفاد