قد
عرفنا سابقا الضابط الحقيقي للتمييز بين الحكم الظاهري في باب الامارات و الحكم
الظاهري في باب الاصول، و هو: انّه كلّما كان الملحوظ فيه أهمّية المحتمل كان
اصلا، و كلّما كان الملحوظ قوة الاحتمال و كاشفيته محضا كان المورد إمارة.
و
على هذا الضوء إذا درسنا الكبرى المجعولة في دليل الاستصحاب واجهنا صعوبة في تعيين
هويّتها و دخولها تحت أحد القسمين، و ذلك لانّ إدخالها في نطاق الامارات يعني
افتراض كاشفية الحالة السابقة و قوة احتمال البقاء، مع انّ هذه الكاشفية لا واقع
لها- كما عرفنا في الحلقة السابقة-[1] و لهذا
أنكرنا حصول الظن بسبب الحالة السابقة. و ادخالها في نطاق الاصول يعني انّ تفوق
الاحكام المحتملة البقاء على الاحكام المحتملة الحدوث في الأهمّية أوجب إلزام
الشارع برعاية الحالة السابقة، مع انّ الاحكام المحتملة البقاء ليست متعينة الهوية
و النوعية، فهي تارة وجوب، و اخرى حرمة، و ثالثة اباحة، و كذلك الأمر فيما يحتمل
حدوثه،