اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 359
و الآية
الكريمة تشتمل على مقطعين كلّ واحد منهما يشتمل على حكم شرعي:
أحدهما:
ما أشير إليه بفقرة: وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً،
حيث يستفاد منها ان الصداق حق للمرأة و يجب دفعه إليها كاملا من دون نقصان و من
دون مقابل.
هذا
بناء على تفسير النحلة بالعطية من دون مقابل. أمّا إذا فسّرت بالدين فالمعنى: يلزم
دفع المهر كاملا إلى المرأة لانه دين و حق لها فيلزم دفعه كاملا كسائر الديون.
و
الخطاب في الآية الكريمة موجّه إلى الأزواج. و يحتمل كونه موجّها إلى الأولياء،
فان ولي المرأة في الجاهلية كان يزوّجها و يأخذ صداقها لنفسه دونها بل ربما كان
أحدهم يعطي أخته على ان يعطيه الآخر أخته.
ثانيهما:
ما أشير إليه بفقرة: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ
نَفْساً فَكُلُوهُ ...، حيث يدل على جواز أخذ شيء من المهر متى ما تمّ
التنازل عنه.
و
النقطة المهمة هي انه يستفاد منه ان المناط في حلّية التصرّف في مال الغير طيب
النفس بذلك دون الاذن اللفظي. و هذا ما أشار إليه الحديث الشريف عن سماعة عن أبي
عبد اللّه عليه السّلام: «ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بمنى حين قضى
مناسكه في حجة الوداع فقال: أيّها الناس اسمعوا ما أقول لكم و اعقلوه فاني لا أدري
لعلّي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا- إلى ان قال-: ألا و من كانت عنده
أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فانه لا يحل له دم امرئ مسلم و لا ماله إلّا
بطيبة نفسه فلا تظلموا انفسكم و لا ترجعوا بعدي كفّارا»[1].
و تأتي الإشارة إلى
[1] الفقيه 4: 66، و الكافي 7: 273، و وسائل الشيعة 3:
424، الباب 3 من أبواب مكان المصلي، الحديث 1، و أيضا 19: 3، الباب 1 من أبواب
القصاص في النفس، الحديث 3.
اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 359