أوّلا: أمّا
بالنسبة إلى الحديث الأول و ما هو بمضمونه فالمراد ان القرآن الكريم لا يعرفه
بتمام خصوصياته من الناسخ و المنسوخ و الخاص و العام إلّا من خوطب به لا انه لا
يجوز التمسك بظواهره حتى بعد مراجعة كلمات أهل البيت عليهم السّلام للتأكد من عدم
وجود النسخ أو التخصيص.
و
هناك عدّة مؤشّرات تدل على ما قلناه نذكر من بينها:
1-
ان القرآن الكريم أمرنا بالتدبر في آياته حيث قال: أَ فَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا
فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً[1]،
فلو لم تكن ظواهره حجّة فلا معنى للأمر بالتدبّر في آياته.
2-
ان ظواهر الكتاب الكريم إذا لم تكن حجّة و كان فهمه يختص بمن خوطب به فلا معنى
لتحدّي القرآن الكريم بالإتيان بسورة من مثله، فالتحدّي المذكور يدل على عدم
اختصاص فهمه بمن خوطب به.
3-
ان حديث الثقلين المتواتر لدى الفريقين و الذي قال فيه صلّى اللّه عليه و آله:
«إني تارك فيكم الثّقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء
إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»[2]
يدل على لزوم التمسك بالكتاب الكريم، و التمسك به غير ممكن إذا لم تكن ظواهره حجة.
4-
ان أهل البيت عليهم السّلام كانوا يرجعون أصحابهم إلى الكتاب الكريم و يعلمونهم
كيفية استفادة المطالب منه، ففي صحيح زرارة: «قلت
[2] مسند أحمد بن حنبل 3: 18. و رواه أيضا في 3: 22، و
4: 448، 454، و 5: 216، 225، و رواه الترمذي في صحيحه 13: 200، الرقم 3797، كتاب
المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه[ و آله] و سلّم. و يمكن
ملاحظة كتاب فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2: 43 للاطلاع على بقية مصادر الحديث.