اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 122
و على
المعنى الذي يرتكز عليه الاستدلال يلزم التخصيص بخلافه على المعنى الذي ذكرناه.
و
من خلال هذا يتّضح التأمل لو أريد الاستدلال بقوله تعالى: وَ قَضى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[1]
على لزوم قصد القربة في كل واجب.
و
وجه التأمل: ان الآية الكريمة ناظرة إلى بيان ان العبادة التي أمرتم بها ليست هي
إلّا عبادة اللّه عن إخلاص و من دون شرك و ليس المقصود انكم لم تؤمروا إلّا بعبادة
اللّه سبحانه.
ثم
انه يمكن ان نضيف- إلى المناقشة المتقدمة على الاستدلال بالآية الكريمة:
وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا- مناقشة أخرى، محصّلها: ان بالإمكان
ان يكون المقصود اننا لم نأمر بالواجبات إلّا لتتحقق العبادة عن إخلاص من الناس
الموجب ذلك لكمالهم و رقيّهم، فالعبادة عن إخلاص ليست هي المأمور بها بل هي العلة
الغائية للأمر بالواجبات، و معه تكون الآية الكريمة أجنبية عن المقام بالكلية.
و
من كل هذا قد تجلى ان الآية الكريمة وَ ما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا ليست من آيات الأحكام من الزاوية المتقدمة، و انما هي من آيات
الأحكام من جهة دلالتها على لزوم الإخلاص في مقام العبادة، بمعنى عدم جواز الشرك و
الرياء.
و
هي على منوال قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ
مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ
أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[2]،
فانه يدل على ان المؤمن مأمور بان يأتي بصلاته و نسكه و يحيا حياته للّه و يموت له
سبحانه فقط دون غيره.