كذلك أخذ
بها، ففي الحديث الشريف: «خطب النبي صلّى اللّه عليه و آله بمنى فقال: أيها الناس
ما جاءكم عني يوافق كتاب اللّه فأنا قلته، و ما جاءكم يخالف كتاب اللّه فلم أقله»[1].
و
في باب شروط المعاملات إذا أريد معرفة صحة شرط و عدمه تلزم ملاحظة الكتاب الكريم
فما كان مخالفا له يرفض و ما لم يكن كذلك يقبل، ففي الحديث الشريف: «من اشترط شرطا
مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له و لا يجوز على الذي اشترط عليه، و المسلمون عند
شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل»[2].
و
بعد هذا أو ليس من الجدير ان يولي الفقيه اهتمامه بآيات الأحكام ليعرف ما يستفاد
منها لتكون مدركا له في استنباط الأحكام الشرعية و مؤشّرا لما خالف الكتاب فيتركه
و لما وافقه فيأخذ به؟
و
لعل قائلا يقول: ان البحوث التفسيرية العامة تقوم بهذه المهمة، فما الحاجة بعد هذا
إلى بحث خاص عن آيات الأحكام نتلقاه بعنوان الدرس و التدريس؟
و
قد خفي على هذا القائل ان تصدي الفقيه لمهمته التي هي ضالته المنشودة لا يعادله
تصدي غيره لها ممن ليس من أرباب الفقه، فالمفسّر إذا لم يكن فقيها يأخذ الآية و
يشبعها بحثا من جوانب بلاغية و علمية و تاريخية و ما شاكل ذلك و لا يركّز البحث في
الجانب الفقهي و الأحكامي الذي يمكن ان يستفاد منها.
و
من الجلي ان تسليط أضواء البحث على جوانب مختلفة يفقد المقصود الأصلي للباحث العمق
و التركيز و يجعل عمق البحث موزعا على تلك الجوانب المختلفة و لن يهتدي الفقيه إلى
جملة من النكات التي يتعطش اليها.
[1] وسائل الشيعة 18: 79، الباب 9 من أبواب صفات
القاضي، الحديث 15.
[2] وسائل الشيعة 12: 353، الباب 6 من أبواب الخيار،
الحديث 1.