موضوع القضية المحصورة بالنسبة لمصاديقه كان
علماً للشيء بوجهه و إذا اعتبر مع قطع النظر عن ذلك كان علمه بالوجه كما هو حال
موضوع القضية الطبيعية.
صعوبة معرفة الحد
(قالوا: من العسر جداً معرفة حقيقة شيء من الأشياء و إنما نعرفها
بالخواص و اللوازم دون حدودها الحقيقية لأن الحقيقة لا تعرف إلا بمعرفة الجنس
الواقعي و الفصل الواقعي بحيث لا يشك بهما ولا يشتبه فيهما وهذا أمر متعذر لأن
الجنس يشتبه بالعرض العام لكون كل منهما كُلياً عاماً و الفصل بالعرض الخاص لكون
كل منهما كُلياً مختصاً مميز للشيء عما عداه) ويرد عليهم إيرادان.
أولًا: إن هذا يناقض ما ذكروه في باب الكليات من المميزات للذاتي عما
عداه إذ مع وجود المميَّزات لا تبقى صعوبة. إلا اللهم أن يناقش في صحتها كما تقدم
منا.
وثانياً: إن هذا لا يجيء في مفاهيم الألفاظ ومداليلها لأن المعاني
معلولة بالطرق المذكورة من التبادر ونحوه فما أخذ فيها كان ذاتياً لها و إلا فخارج
عنها فتحديدها في غاية السهولة وهكذا الماهيات الاعتبارية و الانتزاعية فانّ العقل
لا يشك في مخترعاته كما انَّ المركًّبات حدها بالأجزاء الخارجية لا صعوبة فيه
اصلًا للاطلاع على الأجزاء بالحس.
التعريف اللفظي
(عرَّفوه بأنه: ما يقصد ه تفسير مدلول اللفظ و قالوا: إنَّه لم يكن
فيه تحصيل مجهول من معلوم). ويرد عليهم إيرادان.
أولًا: إن التعريف الحقيقي قد يكون تعريفاً لفظياً فيما إذا كان
المعرَّف معلوماً وكانت دلالة اللفظ عليه مجهولة كما لو قيل لمن يعرف الحيوان
الناطق ويجهل دلالة الإنسان عليه: (الإنسان حيوان ناطق) فانّه يكون تعريفاً لفظياً
مع انَّه تعريف حقيقي لاشتماله على الجنس و الفصل. وجوابه لا مانع من ذلك فالحيوان
الناطق تعريف حقيقي بالنسبة لمن يجهل حقيقة الإنسان وتعريف لفظي لمن يعرف حقيقته
ويجهل دلالة لفظ الإنسان عليه.
وثانياً: إن في التعريف اللفظي تحصيل مجهول من معلوم فانّه قبل
التعريف اللفظي يجهل مدلول اللفظ وبعد التعريف يعلم مدلوله. و الحاصل أنَّ المعنى
وإن كان حاصلًا في الذهن قبل التعريف لكنه لم يعلم انَّه مدلول اللفظ وبعد التعريف
يعلم ذلك. وجوابه ان ليس غرضهم نفي ذلك كلية بل غرضهم انَّه لم يكن فيه تحصيل
مجهول من معلوم كما في التعريف الحقيقي فانّ في التعريف الحقيقي كان المجهول نفس
المعرَّف وبعد التعريف يعلم به بخلاف اللفظي فان نفس المعرَّف معلوم ولكن نجهل
دلالة اللفظ عليه.
تم المجلد الأول بلطف الله ربّ العالمين وبركات
النبي الأمين و الأئمة الطاهرين، وسيتلوه المجلدالثاني إن شاء الله