المستقل الذي يدل على الحكم الظاهري أعني ما
أخذ الشك في موضوعه كمثال إباحة التتن فقد بحثوا عنه في مباحث الاصول العملية.
أما القسم الثاني: أعني دليل العقل الغير المستقل فقد بحث عنه
الاصوليون في صدر كتبهم في أبواب متعددة كباب مقدمة الواجب و النهي عن العبادة و
النهي عن الضدو المفاهيم و ذلك لأن الدليل العقلي الذي جعله الاصوليون في صراط
الأدلة الفقهية هو ما كان على وزانها و نظرها من دلالته على نفس الحكم الواقعي مثل
الكتاب و السنة لا الدليل العقلي المستقل على الحكم الظاهري و لذا الادلة الدالة
على الحكم الواقعي تسمى بالأدلة الفقاهتية و الدالة على الحكم الظاهري تسمى
بالادلة الاجتهادية. و قد ذهب المعتزلة الى أن العقل إذا دل على شيء فهو حجة و
باعتبار حصول القطع منه يقدم عند مخالفته للكتاب أو الاجماع أو غير ذلك أو يأول ما
خالفه سواء في أصول الدين أو فروعه و سواء استقل بالحكم أو استلزمه. و خالفهم
الاشاعرة فذهبوا إلى أن العقل لا دخل له في أصول الدين و لا في فروعه و انما عليه
الأنقياد و الاذعان للنصوص الدينية و العمل على طبقها.
و الحاصل أن محل كلام القوم في هذا المقام هو البحث عن حجية العقل
بإعتبار دلالته على الاحكام الشرعية الفرعية الواقعية و إنها متبعه و حجة عليها أم
لا. كما أن محل كلامهم في الكتاب و السنة و الاجماع في أبوابها بإعتبار دلالتها
على الاحكام الشرعية الفرعية الواقعية و انها متبعة و حجة عليها أم لا. و ليس
كلامهم في حجية الدليل العقلي بإعتبار دلالته على الطريق للحكم الشرعي كأن يدل على
حجية الكتاب أو الاجماع أو السنة فإنه بذلك لم يعد في مقابلها و يكون البحث عنه في
أبوابها في علم الأصول فإن الدليل العقلي على حجية