responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارك نهج البلاغة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي    الجزء : 1  صفحة : 27

يوجد في كلام الفرد الآخر من أهل ذلك العصر فعليك بالتروي في هذا المجال وإمعان النظر فيه فانه يحتمل من المقال اكثر مما حررناه لكن الوقت لم يتسع لبسط القول فيه، ولا ينبغي الحكم على كلام بأنه ليس لأهل العصر الفلاني إلا إذا اشتمل على شي‌ء يجزم بأنه لا يوجد في كلام أهله على اختلاف طبقاتهم وتباين أذواقهم ومعارفهم وهو أمر يحتاج إلى استقرار تام وإحاطة كاملة بأحوال الرجال وتفاوت مراتبهم في الكمال، بعد فمما لا شك فيه ان الإسلام قد اثر في لغة أهله وفي نظمها وتراكيبها أثرا بيناً وادخل فيها أمورا لم تكن قبله كما ان القرآن المجيد قد علم قراءه من الصناعة اللفظية ودقائق المعاني وبديع الأساليب شيئا لم تعرفه عامة أهل العصر من العرب وأهل البوادي والوبر وكذلك السنة الشريفة على انه من الممكن ان لم يكن من المحقق الثابت ان في الصحابة من العلماء الكبار المطلعين على الفلسفة اليونانية وغيرها المحيطين بالعلوم وكيفية تدوينها قبل انتشارها في عصرهم بل وفي العصور المتأخرة وقبل تداولها بين الناس، وكان كاتب الفجر ينظر إلى الناس بعين واحدة من غير تفرقة بين الآحاد ولا ميزة بين الأشخاص فلا يفرق بين الذرة والطود ولا بين عالم صحابي أحاط بالعلوم وثقفته يد النبوة وتخرج من الكلية الإلهية وبين إعرابي بدوي درج بين مراتع الوحش ومنابت القطر وكان عصر النبوة يجمع بين الفريقين وكلامهم يتفاوت بقدر تفاوت أشخاصهم ثم يقال له بعد هذا كله ان احتمال الوضع والدس لو كان له مجال لكان بما هو أشبه بكلام أهل ذلك العصر أولى وأحرى لأن أهل الوضع غالبا لهم معرفة تامة بأساليب كلام من يريدون أن ينسبوا إليه ما ليس له فلا ينسبون ما لا يعرف إلا في العصر العباسي مثلًا إلى من تقدم على ذلك العصر لأنه من نقض الغرض وتفويت المقصود كما لا يخفى على كل ذي بصيرة.

و أما قوله (كما ترى في وصف الطاووس) فهو قول بين الوهم فانك لا ترى أي ميزة بين الخطبة الطاووسية وبين غيرها من الخطب تخص بالذكر وينوه عنها كشاهد على الدعوى فان من انس بكلام النهج وعرف أساليبه لا يجد فرقاً بينه وبين غيرها

اسم الکتاب : مدارك نهج البلاغة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست