وأدلة الاحتياط من العقل والنقل تقضي به
وتفصيل الحال في السنن والمكروهات أنها أقسام:
الأول: ما علم فيه استحباب الأصل وشك في رجحان الخصوصية.
الثاني: ما علم فيه مرجو حية الأصل وشك في مرجو حية الخصوصية.
الثالث: ما جهل الحكم بالمرة.
الرابع: ما دار الأمر بين المباح والسنة.
الخامس: ما دار بين المكروه والمباح.
السادس: ما لم يثبت فيه استحباب الأصل ولا معارض له كوضوء الحائض
والجنب وهذا القسم لا يمكن تحققه في المكروه.
السابع: ما كان مخالفا لقاعدة شرعية في الفعل أو الترك.
الثامن: ما كان داخلا تحت أدلة التحريم، والكراهة الذاتيين في الأول
أو الوجوب والاستحباب الذاتيين في الثاني.
والظاهر في القسمين الأولين، وفي القسم الرابع والخامس الاكتفاء
بالاحتياط المذكور فضلا عن الرواية الضعيفة وفي القسم الثالث والسادس عدم الاكتفاء
به واعتبار الحجة الشرعية ولو رواية ضعيفة للتسامح في أدلة السنن والكراهة ومنشأ
ذلك عدم إمكان جريان الاحتياط فيهما لقيام احتمال التحريم في الثالث قطعا لأنه
مجهول الحكم بالمرة.
وأما في السادس فقد يقال باعتبار أن الوضوء لا يكون مباحا فأما مستحب
أو حرام فجاء احتمال التحريم.
فإن قلت: أن ذلك جار في كل خصوصية فإن العبادة لا تكون مباحا.
قلت: أولا: بالفرق بين المقامين كما لا يخفى.
سلمنا عدم الفرق ولكنه باعتبار ما يظهر من الأصحاب من عدم جريان دليل
الاحتياط في مستحب الأصل ولا معارض له وجريان دليل لتشريع فيه حكمنا بذلك وإلا
لأجرينا دليل الاحتياط فيه أيضا.