ظهرت قوة الثراء المالي وملك الأغنياء الأرقاء والإماء واستخدموهم في شهواتهم.

وطبيعة الإقليم التي هي من أقوى العوامل في إنماء الجمعيات البشرية ومنها تتولد بيئات اجتماعية متباينة من أجلها تتشعب الشعوب وتتعنصر العناصر كان لها تأثير عظيم في انتشار الاسترقاق وزيادته في بعض المناطق، ففي البلاد التي تكون فيها منابع الثروة منحصرة بما تهيئ بيئة الإقليم من مرتزق أبنائه وتسيغ فيها الشرائع استئثار الفرد بحقوق الجماعات حتى يتكون من الاستئثار بالثروة استقطاب مالي فيحمل الانغماس بالنعيم ملوك المال المترهلون على الاسترقاق والاستكثار منه وتقتدي بهم الطبقة المتوسطة والفقراء. وإذا كان الإقليم شحيحاً بخيراته وكان أساس الثروة العمل لا الاستملاك ولا يستغل الإنسان فيه إلا أذرعه وسواعده يكون الاسترقاق محدوداً ومحصوراً بأحوال اقتصادية تمنع من انتشاره‌[1].

[1] قالوا ولهذا زاد الاسترقاق في بلاد المشرق لأن ثمن الرقيق كان زهيداً وعمله مفيداً في الصناعة والتجارة وكان في الشمال أقل منه في الجنوب في الأرض المعمورة لأن تغذية الرقيق تكلفهم نفقات مهولة ولم يكن لعمله فائدة كبيرة.