responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تقريح العصا في الرق و النخاسة و الخصا المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 229

سوق الرقيق فتباع بالمزاد، وفيهم بهبود الزنجي، كان من الفرسان الأشداء، وقائد السلطان على الزنوج وثابت الأسود الزنجي. وانتهى الأمر بظفر العباسيين وقتل الناجم، وبه انطفأت الثائرة عن أول حرب بين البيض والسودان في الإسلام وتشبه في كثير من أسبابها وغاياتها الحروب التي وقعت في أمريكا.

وتحرير الزنوج الأرقاء إنما اتخذه صاحب الزنج وسيلة لنيل أطماعه، ولم يكن من مبادئه إبطال الاسترقاق فقد تمتع بالرقيق إلى أقصى مدى يستطيعه فقد استرق البيضان وحرر السودان إلا أن تحريره لهم وإن كان واسطة لا غاية فهو لا يمنع أن يسجله التاريخ في مصاف المحررين.

وتُذكّر هذه الثورة السوداء بثورة العبيد على حكومة رومية في سنة 130 ق. م ففي ذلك الزمان ثار العبيد في سيسيليا إذ كانوا قد كثروا في الجزيرة، لأن الرومانيين كانوا يسترقون أسرى حربهم كما رأينا فتكاثر عددهم في أنحاء المملكة، ولا سيما سيسيليا حتى فاقوا الرومانيين أصحاب الأملاك واستعبدهم أربابهم بعنف وكان في مقدمتهم عبد سوري يس يونوس ادعى النبوة ونشر راية الحرب فلما نجح بعض النجاح تقاطر إليه العبيد من كل فج، حتى بلغوا نحو مئتي ألف، فجهزت رومية عسكراً وأرسلته لإخضاعهم فهزموه واشتد الخطب فالتزمت أن تجهز قنصلًا لملاقاة الأمر، وكان ذلك سنة 134 ق. م ولما لم يأت بنفع، أرسلت خليفته في عسكر جرار فأتى مساءً حيث يتحصن العصاة فاقتحمها وقتل نحو ثمانية آلاف منهم. ومع ذلك لم تخمد الثورة في الجزيرة، ثم تولى الحرب القنصل روبليوس فتشدد وسطا على‌

الأعداء سطوة جبارة، وفتك فيهم وقتل منهم أُلوفا وفرقهم شذراً مذراً ولم يبقَ مع يونوس عظيمهم سوى ألف رجل ففروا إلى الجبال، ولم يزل الرومانيون يطاردونهم حتى أهلكوهم عن آخرهم، وبهلاكهم انتهت الثورة سنة 136 ق. م وحصدت رومية الشر الذي كانت قد أعدته لنفسها بتكثير العبيد. ثم بعد مدة من الزمن ثار عبيد سيسيليا مرة ثانية ذلك أنه عند إخماد الثورة الأولى كان أناس من الأحرار قد استعبدوا قهرا لأنهم ساعدوا العبيد، فشكوا ظلامتهم إلى رومية فلم ينصفوا فثاروا على ظالميهم، وابتدأ الأمر في إيطاليا وامتد إلى سيسيليا حيث قام كثيرون على مواليهم وكان في مقدمتهم رجل كيليكي الأصل يسمى أثينيون ادعى الوحي، وقائد آخر يسمى تريقون، فاتفقا على مقاومة الوالي وقويت شوكة العبيد فغزوا ونهبوا واستولوا على جانب عظيم من الجزيرة، وحجزوا الحبوب وسائر الأقوات فضاق الأمر بالموالي، فاستصرخوا رومية، وكانت مشتغلة بحرب البرابرة، ومع ذلك بعثت جيش يبلغ نحو أربعة عشر ألف مقاتل إلى نجدتهم سنة 140 ق. م ولما اقتتلوا مع العبيد هزموهم وشتتوا شملهم، غير أن أثينيون لَمَّ شعثهم واستأنف القتال، واستمر على ما كان عليه إلى إن بعثت رومية جيشاً آخر تحت قيادة القنصل رفيق ماريوس فأجرى الحرب، بشدة لكنه لم يتمكن من إخماد الثورة إلا بعد مضي سنتين، وكانت مدة الحرب خمس سنين.

ومن هذا الباب ما حدث في مصر في القرن الخامس الهجري، في خلافة المستنصر الفاطمي فإن أم المستنصر استكثرت من العبيد،

اسم الکتاب : تقريح العصا في الرق و النخاسة و الخصا المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست