وهكذا كان .. وأخذت هذه البذرة تنمو وتكبر
شيئاً فشيئاً تسقى من مداد العلماء فلمعت أسماء وأسماء، وتبارى الرجال في هذا
الميدان، وتفاضل فيه العلماء كما اخبر بذلك الأمام ( (ع))، ففي الخبر أنه قال:
(واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر
ولا مضمر، وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر).
وهكذا كان .. حتى أُلفت الأسفار والكتب وتأسست المعاهد والمجامع
العلمية التي تعنى بفنون العربية وآدابها ..
وكان علماء هذا الفن هم المقدمون عند الخاصة والعامة فكان الملوك
والسلاطين يقربون أساتذة هذا الفن والمهرة منهم لتأديب أبنائهم، بل تحمل بعضهم أعباء
المناصب القضائية والوزارية وغير ذلك.
ولكن هل انتهت القصة إلى هنا؟ وعلى هذا الحال؟ بهذه الصورة الجميلة.
إن هذا العلم مع ماله من الشرف الظاهر والفضل الباهر لا ترى علماً لقي من الضيم ما
لقى ولا مني من سوم الخسف بما منى، أين الذي مهد له قواعد ورتب له شواهد وبين له
حدوداً يرجع إليها، وعين له رسوماً يعرج عليها ووضع له أصولٍاً وقوانين وجمع له
حججاً وبراهين، وشمّر لضبط متفرقات ذيله، واستنهض في استخلاصها من الأيدي رجلَه
وخيلَه ..