و إنما قدموا البحث عن العبادات و جعلوه هو الأول لأن العبادات هي
الأفضل و الأهم في نظر الشرع و حيث كانت الصلاة افضلها و وجوبها أعم قدموا البحث
عنها على سائر العبادات و حيث كانت الصلاة مشروطة بالطهارة و في الطهارة مباحث
كثيرة قدموا البحث عن الطهارة على البحث عن الصلاة و لما كانت الطهارة المائية
مقدمة على الطهارة الترابية قدموا البحث عن الطهارة المائية و لما كانت الطهارة
المائية تحصل بالماء المطلق قدموا البحث عنه.
و القسم الثاني هو المعاملات و يسمى بالعقود و هي البيع و الاجارة و
النكاح و كل ما يحتاج إلى ايجاب و قبول.
و القسم الثالث الايقاعات كالطلاق و العتق و كل ما يحتاج إلى ايجاب
فقط.
و القسم الرابع الأحكام و هي ما عدا ذلك.
إنما خصوا القسم الرابع باسم الأحكام
و هذا القسم الرابع إنما خصوه باسم الأحكام مع ان الجميع هي أحكام
شرعية لأنهم لم يجدوا له خصوصية يسمونه بها فسمّوه فيما بينهم بالأحكام.
السياسيات
و بعضهم سماه بالسياسيات دون الأحكام كالشهيد" رحمه اللّه"
في الذكرى احترازا من الاشتراك اللفظي بينها و بين الأحكام الخمسة و بعضهم فراراً
من ذلك يقيدها فيعبر عن القسم الرابع بالأحكام بالمعنى الأخص و الظاهر انهم إنما
خصوا القسم الرابع بالسياسيات لأنه يشتمل على تدبير المنزل كالأطعمة و الاشربة و
المواريث و على تدبير المجتمع كالحدود و القصاص و الديات. و السياسية هي التدبير
فتكون التسمية من قبيل تسمية الشيء بالأعم الأغلب فيه كتسمية الآنية و الخاتم
بالفضة لأن الأعم الأغلب فيه هو الفضة.
تقسيم القسم الرابع إلى اثني عشر باباً
و قد جعلوا هذا القسم الرابع اثني عشر بابا في الفقه.
الصيد و الذباحة و الأطعمة و الأشربة و الغصب و الشفعة و أحياء
الموات و اللقطة و الفرائض و القضاء و الشهادات و الحدود و القصاص و الديات.
ثمّ لا يخفى انه على هذه القسمة إلى أربعة أقسام مع تسمية الرابع
بالأحكام بنى المحقق طاب ثراه كتاب الشرائع و كذا العلامة في المنتهى و التذكرة و
التحرير و سمى هذه الأقسام بالقواعد و الشهيد" رحمه اللّه" في الذكرى
رتب كتابه على مقدمة و اقطاب أربعة هي العبادات و العقود و الايقاعات و السياسات.