responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المثل العليا في الإسلام المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 47

ينحصر الطريق اليها بالبطش والفتك والاستعداد للإبادة والهلك، بل هناك من الطرق اليها ما هو أهون وأضمن، وأهون في الكفاح، وأضمن في النجاح. وهو طريق العدل والإحسان. فعوض ان يملكوا أجساد الشعوب والأمم بالظلم والإرهاق، وغل الأعناق. لماذا لا يملكون القلوب بالبر والإحسان والإشفاق، ويعلم كل ذي شعور ان طاعة الرغبة بالطوع والاختيار، أبقى وأخلد من طاعة الرهبة بالقسر والاضطرار. وقد قالت الحكماء ان الحركة القسرية لا تدوم وكل شي‌ء يرجع الى طبعه والشعب قد ينتفض، والمغلوب قد يغلب والحرب سجال، والدنيا دول. أما ملك قلوب الشعوب بالإحسان والعدل فهو في أمن من هذه الأخطار فما بال تلك الدول المعظمة تعدل عن هذه الخطة السليمة، الى تلك الخطة السقيمة.

ولعل من يجيب عنهم يقول: ان ساسة تلك الدول رأت ان الانسانية قد هرمت مداركها وتحجرت عقولها وقست قلوبها فصار البر والاحسان لا يبعثها على السلامة ولا يمنحها الاستقامة ولا يسوقها الا السوط والعصا ولا يبرء علتها الا العملية الجراحية وإراقة الدماء بلا هوادة ولا رحمة.

(أقول) وقد يكون هذا حقاً او فيه بعض الحق ولكن لا أقل من التجربة فاننا منذ زهاء مائة سنة منذ سمعنا ان في الدنيا دولة تسمى إنكلترا أو أمريكا أو فرنسا ما سمعنا ان واحدة منهن استعملت العدل والقسط مع مستعمراتها فضلًا عن البر والإحسان ثم هل ان الانسانية بجميع عناصرها وأواصرها قست قلوبها وتحجرت عقولها فلا تستحق الرحمة ولا ينبغي معاملتها بالإحسان إلا الأمة اليهودية واللقيطة الصهيونية، ام هي السياسة العمياء والمكيدة الماكرة لضرب العرب بالصميم.

واذا كانت الحكومات العربية قد زاغت عن سبل الفضيلة ونزعت عن المزايا والخلق الكريم فلا تعرف للاحسان قيمة ولا للعرف معرفة. فان الشعوب ولا سيما الشعوب العربية فيها على قلة بقية صالحة وخير كثير وانما يحتاج الى التوجيه والتنوير.

وقد شرع القرآن شريعة العدل والاحسان فقال تعالى: (اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ

اسم الکتاب : المثل العليا في الإسلام المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست