responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغيب والشهادة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 57

إلى منتهى غايات الشيخوخة درجات لا يمكن الطفرة فيها، وهذا النظام مستوعب لجملة الكائنات وكل ما هو في العالم المادي فهو نتيجة من جهة وسبب من جهة أُخرى، وسلاسل النتائج والأسباب الطبيعية لابد من التسليم بها والإذعان، والفوضى والصدفة في الحوادث الكونية، اسم بلا مسمى إنما هما وضيعة الجهل ومصطلح الغباوة، فإذا سقط جدار على إنسان فقتله، فهذه الحادثة إذا دققنا في النواميس والفواعل التي تقدمتها يمكن أن نتنبأ بها ونخبر عنها قبل وقوعها بإلف سنة فلم ينقض ذلك الجدار إلا بمفعول الرياح والرطوبة والحرارة والجاذبية، فإنّ الريح لم تمرّ به إلا مدفوعة بعوامل طبيعية معلومة مقرّرة اقتضتها نواميس الرياح المعروفة، والرجل لم يوجد بجانب ذلك الجدار إلا لأسباب طبيعية راهنة لامناص عنها ولو فوجِئَ أحدنا بالموت بغتة يتبادر إلى أذهاننا أنّ موته كان صدفة ولو فتشنا الجثة لوجدنا عضواً من أعضائه الرئيسية تمكن فيه مرض مبني على أصول وقواعد طبية متقنة متسلسلة عن أسباب تقدمتها، والأمثلة يضيق بها المقام، فسبحان من أتقن صنع الفلك الدوّار بمقادير تبرّجه.

استئثاره تعالى بعلم الغيب‌

ومن ذلك البيان تعلم أنّ غيب السماوات والأرض قد استأثر به مبدع تلك النواميس ومكوّنها، وإنّ خالق الأسباب وبارئها هو الذي يعلم مسبباتها ونتائجها وتلك المظاهر والمفاعيل حاضرة عنده وماثلة لديه بتفاصيلها منذ الإبداع والتكوين ولا تستطيع قوة بشرية أن تحيط بجوامع أسرار الخليقة وجملة قوانينها ما لم تتصل بالملكوت الأعلى وبذلك المبدأ الفياض.

اسم الکتاب : الغيب والشهادة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست