اسم الکتاب : الرد على مسايل موسى جار اللَّه المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 55
و لا شبهة في أن البدري إذا سرق تقطع يده، و إذا زنى يجلد
سواء كان من المهاجرين أو الأنصار.
الوجه الرابع: إن الذنوب
المغفورة هي الذنوب السابقة فالجيش مغفور له ما تقدم من ذنوبه بسبب هذه الغزوة فهي
لهم كالإسلام الذي يجب ما قبله و لا دخل لها بغفران ما يتجدد من الذنوب و المعاصي
كما لا يخفى.
و لنختم هذه الوجوه بما
ذكره أبو الثناء الآلوسي مفتي الحنفية في عصره و صاحب روح المعاني و غيره من
المصنفات الباهرة، قال في غرائب الاغتراب: قال: (ثمّ الكلام في لعنة الأموات أعظم
من لعنة الحي فإنه قد ثبت في الصحيح أنه قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى
ما قدموا حتى أنه قال: لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا لما كان قوم يسبون أبا جهل
و نحوه من الكفار الذين أسلم أقاربهم، فإذا سبوا ذلك آذوا قرابته).
أقول: اعلم أولا أنه لا
شبهة في أن لعن الميت الذي لا يستحق اللعن أعظم اثماً من لعن الحي الذي لا يستحق
اللعن و كذلك السب. و أما من استحق اللعن حيّاً فإنه يلعن ميتاً لأنه إذا سقط
احترامه حيّاً سقط ميتاً اللهم إلّا أن يلزم من ذلك إيذاء الأحياء من المسلمين و
حينئذٍ فيجوز سبّهم سراً و بحيث لا يبلغ الأحياء فيؤذيهم.
و في هذا الحديث دلالة
على أنّ الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة عليها وجب تركها كما في قوله تعالى: (وَ لا تَسُبُّوا
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ
عِلْمٍ)[1]، فقد قيل: إن
المسلمين كانوا يسبون آلهة الكفار فنهوا لئلا يكون سبّهم سبباً لسب الله تعالى،
فإن ما يؤدي إلى الشرِّ شر. و كذلك نقول في لعن الميت: فإنه لا يجوز إذا استلزم
معصية راجحة.
و ثانياً: إن السبب هو
الشتم لا دخل له باللعن فإن سب الشخص هو ذكره بما فيه من القبائح و النقائص و
العيوب. و أين هذا من اللعن الذي هو دعاء على الشخص بالإبعاد عن الرحمة؟ نعم قد
يقال: إنّ اللعن قد يستلزم إثبات القبائح للملعون فيكون