عليه حتى يقال لا تزاحم فيما إذا تعارضا
بالسلب والإيجاب أو بغير الضدين كالظهر والجمعة أو ان الحكم الدال عليه أحدهما
فعلي دون الآخر وينسب لبعض فطاحل العلم الذهاب إلى عدم التزاحم بناءاً على السببية
لوجهين:
الأول: ان دليل الحجية لا يشمل المتعارضين فلا
يكون فيهما مصلحة تقتضي الحكم على طبقها فلا تزاحم بينهما لانه يكون من قبيل
الحجتين غير المعتبرتين. وفيه ما عرفته من انه شامل لهما قهراً لأن الشمول إنما
يكون بانطباق العنوان على الفرد والعنوان المأخوذ في دليل الحجية منطبق على
المتعارضين قهراً فهو شامل لهما وإنما نرجع للعقل في بقاء الحكم لهما بعد التعارض
أو زواله عنهما أو عن أحدهما.
الثاني: وهو الذي يظهر من المرحوم السيد كاظم
اليزدي في كتابه التعادل والتراجيح ص 81 وتبعه بعض أساتذة العصر ان شرط التزاحم هو
العجز عن الامتثال لا عدم إمكان جعل التكليف وفي المقام لا يمكن جعل التكليف لأن
المتعارضين يدل أحدهما على التكليف بالشيء والآخر يدل على عدمه أما بالمطابقة كما
لو دل أحدهما على وجوب شيء والآخر على عدمه أو بالالتزام كما لو دل أحدهما على وجوب
شيء والآخر على حرمته أو على وجوب ضده والمفروض ان قيام الأمارة على الحكم موجبة
لحدوث المصلحة التي تقتضي إنشاءه على طبقها. وقيام الأمارة على عدمه موجب لعدم
المصلحة التي تقتضيه فيلزم اجتماع المصلحة وعدمها في شيء واحد وهو محال في نفسه
فلا إنشاء للحكم على طبقها لمحالية تحقيق المصلحة التي تقتضيه ويزداد الأمر قوة
وتأكيداً في المتعارضين بالوجوب والحرمة لشيء واحد فانه يلزم حدوث المصلحة
الملزمة والمفسدة الملزمة في شيء واحد وهو محال لانه اجتماع للضدين وإذا كان
تحققهما محال لم ينشأ حكم على طبقهما حتى يكون تزاحم بينهما في مقام الامتثال
مضافاً إلى ان التكليف في الصورة المذكورة بفعل الشيء وتركه ان كان مجتمعاً معاً
تكليف بغير مقدور وإن كان تخييراً بينهما فهو طلب للحاصل لعدم خلو المكلف عنهما
فتكليفه بأحدهما تخييراً بأحدهما لغو فلا تكليف حتى يكون من التزاحم. ويمكن ان يناقش
ذلك بأن المشرع بناءاً على السببية لما رأى ان قيام الأمارة