منهما لا على التعيين فهو باطل لما تقدم من
عدم دلالة العام عليه عرفاً ولعدم كونه فرداً مقابلًا للأفراد الخارجية إذ لو ثبت
له الحكم للزم ثبوت الحكم مرتين للأفراد الخارجية لانطباق الفرد المردد عليها ولو
ثبت له الحكم دون جميع الأفراد الخارجية فلابد لثبوته له من جعل الشارع له بجعل
جديد وليس هناك ما يدل عليه وللزوم التناقض لأن الدليل يدل عل نفي الحكم عنه لتضاد
الأفراد فإذا كان يدل على ثبوت الحكم للفرد المردد وهو عبارة عن أحدهما لزم نفي
الحكم عنه وثبوته له.
ويمكن الجواب عنه ان دليل الحجية لا يدل على حجية الفرد المردد وإنما
يدل على ثبوت الحكم أعني الحجية لسائر الأفراد الخارجية له لكن حكم الشارع
المستفاد من دليل الحجية مع حكم العقل بكون التعارض الطاري على الفردين المتعارضين
أزال حجية أحدهما غير المعين لاستدعاء التعارض العلم بكذب أحدهما غير المعين أوجب
الحكم بحجية الآخر غير المعين وهذا نظير الاضطرار لارتكاب أحد فردي الحرام كما لو
اضطر لشرب الخمر الموجود في آنيتين فإن الحرام يكون هو الفرد المردد بينهما لا على
التعيين بواسطة حكم العقل بجواز ارتكاب أحدهما لا من جهة ان الدليل الدال على
الحرمة كان دالًا على الفرد المردد.
الإيراد الخامس: انه لا يجوز ان يجري الأصل
أو القاعدة ويترك العمل بالدليلين حيث تقرر في محله انه لا يجوز الرجوع إلى الأصل
أو القاعدة مع وجود الدليل الاجتهادي والأمارة سواء وافق الأصل الدليل أو خالفه
وفيما نحن فيه قد علم إجمالًا بحجية أحد الدليلين المتعارضين من المخالف للأصل أو
الموافق له وأيهما كان حجة كان مسقطاً للأصل عن الاعتبار. وجوابه ان ذلك إنما يكون
فيما إذا كان الدليل الاجتهادي أعني الأمارة يصح التعويل عليه في المورد بالفعل
حتى يرفع الشك عن مورد الأصل أما مع دورانه بين الحجة واللاحجة كما هو المفروض في
المقام فلا يصح التعويل عليه بالفعل فلا يرفع الشك عن مورد الأصل فالمعول حينئذ في
المقام هو الأصل دون غيره لعدم صلاحيته لذلك. ان قلت الحكم بالرجوع للأصل والإفتاء
بمقتضاه مستلزم للمخالفة القطعية للدليلين المتعارضين لأن أحدهما إذا دل على
الإباحة الواقعية والآخر دل على الحرمة الواقعية وكان الأصل يقتضي البراءة فالحكم